٢٦٤ - (عن عبد الله بن عبد الله بن جَبْر) -بفتح الجيم وسكون الباء- زاد مسلم هو ابن إبراهيم شيخ البخاري.
فإن قلت: ترجمة الباب لإدخال اليد قبل الغسل في الإناء، وليس في أحاديث الباب ذلك، إلا في رواية هشام أنه غَسَلَ يده قبل ذلك؟ قلتُ: غسل اليدين قبل الوضوء والغسل كان عادَتهُ المستمرة، كما دلت عليه الأحاديث السالفة. وأما هنا إنما ترجم على إدخال الجنب يده في الإناء، وليس في أحاديث الباب ذكرُهُ صريحًا، لأن دأبه الاستدلال بالخفي، كما نبهنا عليه مرارًا.
بيانُ ذلك أن الكلام إنما هو في يد الجنب إذا لم يكن عليها قذر سوى الجنابة، وأما النهي الوارد في منع الجنب عن إدخال اليد في الإناء فمحمولٌ على التنزيه، وإذا اغتسل هو وعائشة وغيرها من النساء، واختلفت أيديهما في الإناء، فدل على أن الجنابة لا تمنع من إدخال اليد في الإناء إذا لم يكن عليها قذر. وأما رواية هشام أنه غَسَل يده قبل الغُسْل إنما أورده في الباب، لأنه ترجم بصيغة الاستفهام هل يُدخل يده أم لا؟ فأورد الأحاديثَ على ذلك المنوال، بعضها دالًّا على الغسل، وبعضها دالًّا على عدمه.
فإن قلتَ: قوله: من إناء واحد من جنابة، فما وجهه؟ وحرفا جرٍ بمعنى واحد لا يتعلقان بفعل واحد لا نقول: مررتُ بزيد بعمرو؟ قلت: الحرفان هنا لم يتعلقا بفعل واحد، فإنَّ الأول متعلق بالمطلق، والثاني بالمقيد، أي: الاغتسال المبتدأ من الإناء مبتدأ من الجنابة، كما تقول: أكلت من ثمرة بستانك من العنب، أو من الثانية للتعليل، أي: للجنابة كقوله تعالى: {مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ}[المائدة: ٣٢].
باب: تفريق الغسل والوضوء
(ويذكر عن ابن عمر أنه غسل قدميه بعد ما جفّ وضوءه).