لأَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَصْحَابَهُ وَاصَلُوا وَلَمْ يُذْكَرِ السَّحُورُ.
١٩٢٢ - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَاصَلَ فَوَاصَلَ النَّاسُ فَشَقَّ عَلَيْهِمْ، فَنَهَاهُمْ. قَالُوا إِنَّكَ تُوَاصِلُ. قَالَ «لَسْتُ كَهَيْئَتِكُمْ، إِنِّى أَظَلُّ أُطْعَمُ وَأُسْقَى». طرفه ١٩٦٢
ــ
باب بركة السحور من غير إيجاب
استدل على عدم الوجوب بأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه واصلوا مع عدم الإفطار فضلًا عن السحور.
١٩٢٢ - (جويرية) بضم الجيم، مصغر.
(إني لست كهيئتكم) شأني يباينُ شأنكم، ثم بيّن المُبَاين بقوله:(أظل أُطعم وأُسقى) على بناء المجهول، قال النووي: معناه إن الله يُفيض عليه من الأنوار ما ينسى بها ألم الجوع، وهذا أمر وجداني؛ فإنَّ من استغرق في أمر له به شغف لا يُحس بالألم، ولا يدري كيف مضى النهار.
هذا كلامه، والأحسن أن يقال: يفيض عليه من القوى ما يقوى بها على تحمل مشاق الجوع؛ لأنَّ فضل الصوم أن يكون مع الجوع والعطش، وأيضًا كان يشد على بطنه الحجر لشدة الجوع، وسيأتي في حديث أبي طلحة أنه قال: رأيت في وجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أثر الجوع. قال النووي: وهذا التأويل واجب، لأنَّ ظل مشتق من الظلول؛ وهو عمل النهار خاصة.
بعض الشارحين يجوّز أن يراد الأكل والشرب حقيقة، كأنه قال: إني لست بمواصل؛ لأنَّ طعامي وشرابي ليس من جنس طعامكم وشرابكم. وهذا الذي قاله شيء لا يقوله عاقل؛ وذلك أنَّه أشار أولًا إلى أن شأنه يباين شأنهم، وأنه قادر على الوصال دونهم، فكيف يقال: إنه ليس بمواصل، والأكل والشرب لا يمكن وجودهما مع الصوم على أي وجه كان؛ سواء كان طعام الدنيا أو الجنة.