للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثُمَّ أَعْطَيْتُ فَضْلِي عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ» قَالُوا: فَمَا أَوَّلْتَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «العِلْمَ». [الحديث ٨٢ - أطرافه في: ٣٦٨١ - ٧٠٠٦ - ٧٠٠٧ - ٧٠٢٧ - ٧٠٣٢].

٢٤ - بَابُ الفُتْيَا وَهُوَ وَاقِفٌ عَلَى الدَّابَّةِ وَغَيْرِهَا

ــ

(ثم أَعطيت فضلي عمرَ بنَ الخطاب قالوا: فما أَوَّلْتَهُ يا رسول الله؟ قال: العلمَ) بالنصب مفعول لفعل مقدر، ويجوزُ الرفع أي: المؤول العلم من حيثُ إن اللبن غذاء الإنسان وسبب للحياة في هذه الدار، والعلم سبب للحياة في الآخرة.

قال بعض الشارحين: فإن قلت: رؤيا الأنبياء وحيٌ، فهل كان هذا الشربُ حقيقة أو هو مع سبيل التخيل؟ قلت: واقع حقيقة ولا محذور فيه؛ إذ هو ممكن واللهُ على كل شيء قدير. هذا كلامُهُ. وهو خطأ؛ لأن شرب اللبن على ذلك الوجه الذي وصفه من خروجه من الأظفار لا يمكن أن يقع منه، كيف ولو كان حقيقة لم يكن للتأويل معنى، لأنه إنما يعبر به عن خلاف الظاهر، وكم شرب لبنًا وأعطى فضله لغيره ولم يكن معناه العلم؟ أو كيف يعقل إعطاء ما فَضَل في المنام لعمر؟

ثم قال: لا تغفل عن الفرق بين فضل العلم وفضيلته؛ إذ الحديث دلَّ على فضل العلم لا على الفضيلة، وهذا أيضًا خبط آخر، إذ لا يَشُك عاقل في عدم الفرق، وإن غرض البخاري من قوله: باب الفضل هو الفضيلة، وإنما التبس عليه من قوله: "أعطيتُ فضلي عمر" فإنه بمعنى الفضلة أي: الزائد على شربه، وهل يعقل أن يعطي بأفضل من العلم لأحد، أو هل يفضل العلم؟ أو له وجه التكرار؟ وليت شعري، من أين علم أن عمر كان عنده؟ وكيف يعقل أن يعطي القدح أحدًا وهو نائم؟

فإن قلت: فيقع التكرار فإنه قدم في أول كتاب العلم باب فضل العلم؟ قلتُ: التكرار إنما يكون إذا أعيد فيه من غير زيادة أو نقصان، والتفاوت بين ما أورد في البابين ظاهر فتأمل.

باب الفُتيا وهو واقفٌ على الدابة وغيرها

الفُتيا بضم الفاء والفتوى بفتحها: اسم من الفتاء بالمد، مصدر فتي -بالكسر- كعلم، وهو حداثة الشيء، قال الشاعر:

إذا عاشَ الفتى ستين عامًا ... فقد ذهب المسرّة والفتاء

<<  <  ج: ص:  >  >>