إِنَّ الْمَدِينَةَ وَخِمَةٌ. فَأَنْزَلَهُمُ الْحَرَّةَ فِي ذَوْدٍ لَهُ فَقَالَ «اشْرَبُوا أَلْبَانَهَا». فَلَمَّا صَحُّوا قَتَلُوا رَاعِىَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَاسْتَاقُوا ذَوْدَهُ، فَبَعَثَ فِي آثَارِهِمْ، فَقَطَعَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ، وَسَمَرَ أَعْيُنَهُمْ، فَرَأَيْتُ الرَّجُلَ مِنْهُمْ يَكْدُمُ الأَرْضَ بِلِسَانِهِ حَتَّى يَمُوتَ. قَالَ سَلَاّمٌ فَبَلَغَنِى أَنَّ الْحَجَّاجَ قَالَ لأَنَسٍ حَدِّثْنِى بِأَشَدِّ عُقُوبَةٍ عَاقَبَهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَحَدَّثَهُ بِهَذَا. فَبَلَغَ الْحَسَنَ فَقَالَ وَدِدْتُ أَنَّهُ لَمْ يُحَدِّثْهُ. طرفه ٢٣٣
٦ - باب الدَّوَاءِ بِأَبْوَالِ الإِبِلِ
٥٦٨٦ - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - أَنَّ نَاسًا اجْتَوَوْا فِي الْمَدِينَةِ فَأَمَرَهُمُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يَلْحَقُوا بِرَاعِيهِ - يَعْنِى الإِبِلَ - فَيَشْرَبُوا مِنْ أَلْبَانِهَا وَأَبْوَالِهَا، فَلَحِقُوا بِرَاعِيهِ فَشَرِبُوا مِنْ أَلْبَانِهَا وَأَبْوَالِهَا، حَتَّى صَلَحَتْ أَبْدَانُهُمْ فَقَتَلُوا الرَّاعِىَ وَسَاقُوا الإِبِلَ، فَبَلَغَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَبَعَثَ فِي طَلَبِهِمْ، فَجِئَ بِهِمْ فَقَطَعَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ، وَسَمَرَ أَعْيُنَهُمْ. قَالَ قَتَادَةُ فَحَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ قَبْلَ أَنْ تَنْزِلَ الْحُدُودُ. طرفه ٢٣٣
ــ
وسكون القاف (أنزلهم في الحرة) أرض ذات حجارة سود، والمراد: حرة المدينة (في ذود) بدل اشتمال من الحرة، والذود ما بين الثلاثة إلى العشرة من الإبل خاصة، والظاهر أنه من إطلاق المقيد على المطلق (فرأيت الرجل منهم يكدم الأرض بلسانه) أي: يعض من شدة العطش. أصل الكدم العض بأطراف الأسنان (قال سلام) بن مسكين النمري، روى عنه أن الحجاج سأل أنسًا عن أشد عقوبة عاقب بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبره بحديث العرنيين (فبلغ الحسن فقال: وددت أنه لم يخبره) وذلك أن الحجاج كان ظالمًا مفرطًا، فيجعل الحديث وسيلة في أباطيله مع أن الحديث منسوخ؛ لأنه كان قبل شرع الحدود، وقيل: لأنَّهم كانوا مرتدين فلا نسخ، إلا أن قتلهم على ذلك الوجه كان قبل النهي عن المثلة، وهذه فائدة جليلة، على أن الواعظ لا يقول في مجلس الفساق ما يدل على سعة رحمة الله.