ولا سمعته (وهي التي كانت تساميني) أي: في المنزلة عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ من السمو: وهو الرفعة (فعصمها الله بالورع) وهو الإباء عن المحارم، أصله حسن الأدب.
وفي هذا الحديث تسلية لمن بغي عليه لينصرنه الله، وفيه من الأحكام والعبر جملة مستكثرة تظهر بالتأمل، والله الموفق.
(قال: وحدثنا فليح عن هشام) فاعلُ قال: أحمد، رواه عن فليح أولًا، عن ابن شهاب، وثانيًا؛ عن فليح عن هشام، وثالثًا: عنه عن ربيعة بن عبد الرحمن.
باب إذا زكى رجل رجلًا كفاه
(وقال أبو جميلة: وجدت منبوذًا، فلما رآني عمر قال: عسى الغوير أَبؤسًا) أبو جميلة هذا صحابي، واسمه سنين -بضم السين وكسر النون-. قال ابن عبد البر: أبو جميلة هذا ضمري، وقيل: سلمي، وما يقال: إن اسمه ميسرة بن يعقوب الطهوي فغلط؛ فإن ذلك تابعي كوفي يروي عن علي بن أبي طالب.
فإن قلت: ما معنى قول عمر: عسى الغوير أبؤسًا؟ قلت: هذا من أمثال العرب، وأصله أن قومًا باتوا بغار، فوقع عليهم وأهلكهم وتيتهم الغدر، فصار مثلًا في كل من أراد خيانة، والأبؤس: جمع بأس. ولما رأى عمر في يد أبي جميلة منبوذًا اتهمه بأن يكون زنى بأمه، ثم ادعاه لقيطًا، أو خاف أن يدعيه عبدًا له.
(قال عريفي: إنه رجل صالح) العريف: على وزن الكريم؛ هو العارف بحال الإنسان، واستدل به على أن تزكية واحد كافية، وهو مذهب الجمهور؛ خلافًا لمالك والشافعي.