فإن قلت: قوله تعالى ليلة المعراج: لا يبدل القول لدي؟ قلت: قوله لما نسخ الخمسين بخمس، وأوّله بأن الحسنة بعشر أمثالها؛ فالخمسون باقية حكمًا وإن نسخت حدًّا.
أجاب بعضهم: بأنّ المراد بقوله ليلة المعراج: "لا يبدل القول" السياق يدل على أن المراد لا ينقص من الخمس شيء آخر. قلت: هذا الوهم ناشئ عن الغفلة عن السياق؛ لأن آخر الحديث "هي خمس، وهي خمسون، الحسنة بعشرة أمثالها" كما سيجيء في البخاري، إشارة إلى ما ذكرنا، ولو كان المراد من قوله "لا يبدل" لا ينقص من الخمس شيء لم يكن لقوله: "هي خمس وهي خمسون" وجه، وقال آخر: إن صلاة الليل كانت واجبة عليه؛ وأصحابه كانوا يقتدون به، فإذا ما واظب على شيء يرونه واجبًا، فخاف أن تكتب عليهم من طريق الاقتداء به.
وهذا كلام مزيف: أمّا أولًا: فإن اقتداء الأمة إنما هو فيما عدا خواصّه، وما كان من الخواص لا اقتداء فيه.
وأمّا ثانيًا: فلأن مواظبته على شيء لا يجعله واجبًا عليهم، ألا ترى أنه واظب على الرواية مع أنه لا وجوب لا عليه ولا عليهم.
قال ابن الحاجب: فعله - صلى الله عليه وسلم - إن كان من أمر الجبلة كالقيام والقعود، أو خاصًا به كالتهجد فلا اقتداء فيه للأمة، وما سواهما إن علمت صفته فأمته مثله.
باب صلاة الليل
٧٣٠ - (إبراهيم بن المنذر) بكسر الذال (ابن أبي فديك) -بضم الفاء- على وزن