باب من نسي صلاة فليصلها إذا ذكرها ولا يعيد إلا تلك الصلاة الواحدة
٥٩٧ - (أبو نعيم) بضم النون، على وزن المصغر (هَمام) بفتح الهاء وتشديد الميم (من نسي صلاة فليصلها إذا ذكرها، لا كفارة لها إلا ذلك {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي}[طه: ١٤]) أشار إلى أنّ الحديث تفسير للآية، وأنّ المراد بذكري الصلاة؛ لأنّ ذكر الله من لوازمه. واعلم أنّ قوله - صلى الله عليه وسلم -: "فليصلها إذا ذكرها" من ترتيب الحكم على الوصف المشعر بالعلية، ولا يلزم منه انحصار القضاء في التذكر بعد النسيان؛ كقولك: الذي جاء من الغائط، فمن سئل وأجاب: بأنّ ذكر النسيان لأنه الغالب؛ أو وارد على سبب خاص؛ مثل سؤال السائل أو تنبيه بالأدنى على الأعلى؛ فقد خاضَ في شيءٍ لا طائل تحته. والكفارة: صيغةُ مبالغةٍ من الكفر؛ وهو الستر؛ أي: الخصلة التي تستر الخطيئة. استدلّ الشافعي بالحديث على أنّ لا ترتيب بين الوقتية وبين الفوائت؛ فإنه أطلق القول فيه. وقال أبو حنيفة وأحمد: يقضي مرتبًا، يقدم الفائتة على الوقتية؛ ثم يصلي بعد الوقتية الفوائت على الترتيب؛ إلا أنْ تزيد الفوائت على الخمس، فإنه يسقط الترتيب عضد أبي حنيفة وأحمد، وقال الإمام أحمد: إذا نسي الترتيب سقط؛ واستدلوا على وجوب الترتيب بفعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في يوم الخندق، وقد قال:"صلّوا كما رأيتموني أصلّي". والجواب للشافعي: أنّ قضية الخندق لم تدل على الوجوب؛ بل الأولوية؛ فإنه لا يفعل -في أغلب الأحوال- إلا الأولى؛ وأمّا قوله - صلى الله عليه وسلم -: "صلوا كما رأيتموني أصلي" إنما قاله في غير شأن القضاء، قاله لمالك بن الحويرث وأصحابه حين