أوساخ المنازل كانت مواتًا، وإضافتُها إلى القوم لأدنى ملابسةٍ قاله ابن الأثير. فلا حاجة إلى التكلُّفِ بأن القوم أذنوا له صريحًا أو دلالةً، واختلفوا في توجيه بوله قائمًا: قيل: كان بمَأبضه وجع. والمأبض: بفتح الميم وسكون الهمزة وباء موحدة: باطن الركبة، وقيل: لوجع في صُلْبه. والعربُ تستشفي من ذلك بالبول قائمًا. وهذا منقولٌ عن الشافعي. وقيل: كان المكان نجسًا، فلو جَلَس لتلوث. وقيل: لأن السُبَاطة لا يوجد فيها مكانٌ مستوٍ يصلح للجلوس، أو فعله تشريعًا، وما يقال: كان شأنه التباعُدُ عن الناس بفناء البيوت، ولم يَبْعُدْ لأن أوقاته كانت مستغرقة لمصالح الناس، فرُبّما كان مضطرًا إلى ذلك، يردَّه قولُ حذيفة في الباب الذي بعده: رأيتني أنا والنبي - صلى الله عليه وسلم - نتماشى، فأتى سباطة قومٍ.
فإن قلت: ذكر في الترجمة القيامَ والقعود ولم يذكُرْ للقعود حديثًا؟ قلتُ: القعودُ حال معلوم، فلا يحتاج إلى دليل، وإنما ذكره دلالةً على أن الجواز في الحالين لا يتفاوتُ.
فإن قلتَ: ما فائدةُ قول حذيفة: فقام كما يقوم أحدكم فبَالَ؟ قلتُ: كان دأب العرب أن لا يبول الرجلُ إلا قائمًا. وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخالفهم في ذلك. رواه ابن ماجه وغيره. فقولُ حذيفة إشارةٌ إلى ذلك.
باب: البول عند صاحبه والتستر بالحائط
أي: بول الرجل عند صاحبه.
٢٢٥ - (جرير) بفتح الجيم (رأيتُني) -بضم التاء- وكونُ الفاعل والمفعول شيئًا واحدًا من خصائص أفعال القلوب؛ لأن علم الإنسان بحال نفسه أشدُّ وألْصَقُ من غيره، فلا يسبق الوهم إلى الخطاب بخلاف مثل الضرب، فإن الأمرَ بالعكس. ولذلك جاز الجمع في غير