النووي: هذا عند من يقول كلام الناس لا يبطل وإن كان كثيرًا، أو الفعل الكثير؛ فلا إشكال عنده، وهو أحد الوجهين عند الشافعية، والمشهور في المذهب أن الصلاة تبطل بذلك، وتأويل الحديث على هذا مشكل لأنه جاء في رواية: أنه دخل البيت وخرج.
وأنا أقول: لا بدّ وأن يقال: هذا من خواصه - صلى الله عليه وسلم -؛ لأن الفعل الكثير إذا لم يكن من مصالح الصلاة لم يقل أحد بجوازه؛ لا سيما مع استدبار القبلة.
فإن قلت: ذكر في الترجمة مثل سجود الصلاة أو أطول، وليس لذلك ذكر في الحديث، وكذا ذكر الثلاث، وليس له ذكر؟ قلت: أما السجود بأطول فقد ذكره في الباب بعده والذي بعده، وأمّا الثلاثُ فحكمها معلوم من الركعتين، والأحسن أنه أشار إلى ما رواه مسلم عن عمران بن حصين: أنه سلم في ثلاث ركعات.
فإن قلت: كيف وجه الجمع بينه وبين رواية أبي هريرة مع أن كلًّا منهما يرويه أنّ القائل ذو اليدين؟ قلت: الذي يجب المصير إليه تعدد القضية وذلك أن مسلمًا ساق حديث أبي هريرة أن الصلاة هي الظهر، وأن التسليم في الركعتين، وساق حديث عمران أن الصلاة هي العصر، وأن التسليم في الثلاث، وأنه دخل منزله ثم خرج، وليس بشيءٍ من ذلك ذِكْرٌ في رواية أبي هريرة.
وأما تأويلهم بأن المراد بقول عمران: سلم في ثلاث؛ أي: في ابتداء الثالثة، وقولهم: معنى قوله: دخل وخرج أن الجذع الذي اتكأ عليه في رواية أبي هريرة كان قدام البيت، فمّا لا يلتفت إليه، ولا يقوله من له أدنى ذوق في دركه خواص التراكيب، كيف وأبو هريرة يقول: فصلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ركعتين وسلم، وعمران يقول فصلّى الركعة التي ترك.
باب من [لم] يتشهد في سجدتي السهو
روى في الباب حديث ذي اليدين وفيه: أنه سجد مثل سجوده أو أطول وبدّل لفظ "حق" بلفظ "صدق" وهما متحدتان ذاتًا مختلفان اعتبارًا.