فإن قلت: كيف التوفيق بينه وبين قوله: "ليس من البر الصيّام في السَّفر" رواه البُخاريّ ومسلم والنَّسائيُّ؟ قلت: ذلك لمن به ضعف؛ لأنَّه قال حين رأى رجلًا قد ظلل عليه، وسأل عنه، قيل: إنه صائم؟ وأمّا من به قوة فلا بأس به، فقد صام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في السَّفر، وصام أصحابه، وقد جاء في بعض الرِّوايات: أن حمزة بن عمرو قال: إنِّي أجد بي قوة.
باب إذا صام من رمضان أيّامًا ثم سافر
١٩٤٤ - (عن ابن عباس: أن رسول الله - صَلَّى الله عليه وسلم - خرج إلى مكّة في رمضان حتَّى بلغ الكديد فأفطر) هذا الخروج كان سنة الفتح كما سيأتي إن شاء الله تعالى، والكديد بفتح الكاف. (قال البُخاريّ: ماء بين عسفان وقديد) بضم العين والقاف وكسر الدّال: اسم ماء، وقال صاحب "المطالع": عقبة تشرق على الجحفة، بينها وبين مكة اثنان وأربعون ميلًا، ويمكن الجمع بين القولين كما لا يخفى، وفي رواية مسلم: وكان ذلك بعد العصر، والحديث مرسل؛ لأنَّ ابن عباس كان إذ ذاك بمكة مع أُمّه.