فالبون بينهما بعيدٌ وبهذا تزول أوهام كثيرة ذكروها، وما ذكرناه هو عين الحق، كيف لا وهو أفضلُ الرسل وأكرمهم عند الله تعالى بعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. [ألا] ترى إلى قوله - صلى الله عليه وسلم -: "رأيتُ موسى في السماء السابعة" تفصيل كلام الله كما سيأتي في حديث الإسراء. والله أعلم.
باب: من سأل وهو قائمٌ عالمًا جالسًا
١٢٣ - (عثمان) هو ابن محمد (جَرير) بفتح الجيم على وزن فَعيل (عن أبي وائل) اسمه شقيق تابعي جليلُ القدر، أكثر روايته عن ابن مسعود، لأنه كان بالكوفة (فقال: يا رسول الله، ما القتال؟) ليس الغرضُ من هذا السؤال معرفة معنى القتال لغةً، إذ ذلك ليس مشتبهًا على أحد، ولا هو مقصودُ السائل، بل المراد: وصفُ القتال الذي يتقرب به إلى الله (فإن أحدنا يقاتلُ غضبًا، ويقاتلُ حميةَ) الغضبُ: لغةً: فَوَران الدم عند إرادة الانتقام، وهذا المعنى هو المراد لا الفَوَران المذكور. والحَمِية -بفتح الحاء وكسر الميم وتشديد الياء- المحاماة، والمحافظة على الحريم، والعشائر.
(من قاتل لتكون كلمةُ الله هي العليا فهو في سبيل الله) أي: ذلك القتال هو في سبيل الله، سواء كان ناشئًا عن الغضب أو عن الحمية؛ فإن الأعمال بالنيات على أي وجه كانت، والغضبُ تارةً يكون لله، كما كان يغضب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. والمحاماة أيضًا تكون للصيانة عما يخالف أمر الدين. حمية للإسلام، هكذا يجب أن يفهم. ومنهم من قال: المراد بالقتالِ