وَقَالَ بَهْزٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «اللَّهُ أَحَقُّ أَنْ يُسْتَحْيَا مِنْهُ مِنَ النَّاسِ».
ــ
الدلالة على الترجمة، وتقديم الأيمن في الغسل كما في الوضوء لشرفه. والعموم في لفظ إحدانا: يدل على آية واحدةٍ كانت.
فإن قلتَ: ليس في الحديث ما يدل على تقديم الأيمن؟ قلتُ: قيل: يُستفاد تقديم الأيمن من لفظٍ أخرى. وليس كذلك، لأن: أخرى صفة اليد، فهي في المقابلة الأولى، ولا تدل على تأخرها في الغسل، بل إنما علم التقديم من السياق وهذا كما إذا قلت: أخذت بإحدى يدي القلم وبالأخرى الورق، فلا يدل على تأخر أخذ الورق، وإنما دل على التقديم بعد غسل الرأس لفظ ثم.
فإن قلت: إنما ترجم على البداءة بشق رأسه الأيمن وليس في الحديث؟ قلتُ: الشق يتناول الفرق إلى القدم.
فإن قلت: مثل هذا هل يسمى مرفوعًا؟ قلتُ: الجمهور من أهل الحديث والأصول على أن الصحابي إذا قال: كنا نؤمر، أو ننهى، محمول على الرفع؛ لظهور أن الناهي والآمر والمقرر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا غير.
باب: من اغتسَلَ عُرْيانًا وحده في الخلْوة
العريان: مصدر كالغفران. وقوله: وحده مصدر في موقع الحال، وقوله: في الخلوة: حالٌ أخرى مقيدة للأولى؛ لأن الاغتسال وحده يجوزُ أن يكون بين الناس، فلا تلازم بينهما، كما ظُنَّ، ألا ترى أن الفقهاء قالوا: الخلوة توجب كمال المهر ويقال: خلا زيدٌ بعمرو. وقال الله تعالى:{وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ}[البقرة: ١٤].
(وقال بَهْز عن أبيه عن جده) بهز -بفتح الباء وسكون الهاء آخره زاي معجمة- وأبوه حكيم بن معاوية القشيري البصري. وليس بهز وأبوه حكيم على شرط البخاري، ولذلك لم يرو عنهما إلا تعليقًا (عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: الله أحقُّ أن يُسْتَحيا منه من الناس) من في منه تتعلق بـ يُستحيا وهو على بناء المجهول. ومن الناس: يتعلق بأحقّ. وفي بعضها: الناس، بدون من مرفوعًا. ويَسْتحيا على بناء الفاعل، فيُقدر أحق مِنْ أي: من كل أحدٍ. وفي بعضها: أحقّ أن يُستتر منه.