لا يدخله الرياء، وليس بذاك إذ يمكن أن يصوم رياء وسمعة وهو ظاهر على أنه إنما يتوجه لو صح في صوم النفل، فإن الفرض قالوا: لا يجري فيه الرياء، وقد عمم الغزالي في الفرض، وقيل: لأن التجرد عن المآكل والمشارب والمناكح من صفات الألوهية، وهذا وجه حسن، وقيل: لأن الصوم لم يعبد به غيره تعالى في ملة بخلاف سائر العبادات كالسجدة للصنم وصرف الأموال كما أشار إليه في قوله تعالى: {وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعَامِ نَصِيبًا فَقَالُوا هَذَا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَذَا لِشُرَكَائِنَا}[الأنعام: ١٣٦] وهذا أحسن ما يقال.
(لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك) هذا موضع الدلالة، فإنه دل على طهارة المسك وشرفه، ولذا كان أطيب الطيب عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والخُلوف -بضم الخاء- الرائحة الكريهة التي تحدث في فم الصائم، والكلام على طريق المثل، والمراد منه كمال الرضا من عمله، وإجزال الثواب على تلك الرائحة كما يبذل المال في تحصيل المسك الإذفر.
٥٩٢٨ - (وهيب) بضم الواو مصغر (عثمان بن عروة) ليس له ذكر في البخاري ومسلم في هذا الحديث.