(وبه قال عطاء والزهري وعمرو بن دينار وقتادة، وقال عمرو بن دينار: الحنوط من جميع المال. وقال إبراهيم) أي: النخعي (يبدأ بالكفن، ثم بالدِّين، ثم بالوصية. وقال سفيان: أجر القبر والغسل من الكفن) هذه الآثار مما اتفق عليه أئمة الفتوى.
١٢٧٤ - (أُتي عبد الرحمن بن عوف يومًا بطعامه فقال: قُتِل مصعب بن عمير وكان خيرًا مني) مصعب بن عمير -بضم العين وفتح الميم- مصغر، قتل يوم أحد. قال ابن عبد البر: لم يخالف أحد في أن راية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كانت بيده يوم بدر ويوم أحد، قال: وأسلم ورسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - في دار الأرقم، وكان قبل إسلامه فتى مكة شبابًا وجمالًا وتيهًا.
فإن قلت: عبد الرحمن بن عوف من المبشرين بالجنّة، فكيف يكون مصعب خيرًا منه؟ قلت: كونه مبشرًا بالجنّة لا يستلزم أن يكون خيرًا من غيره، كيف وشُهداء أحدٍ سادة الشهداء. وقيل: قاله هضمًا لنفسه. والوجه ما قدمنا.
(فلم يوجد له ما يكفن فيه إلا بردة) -بضم الباء وسكون الراء- الشملة المخططة، وقيل: كساء مربع يلبسه الأعراب، هذا موضع الدلالة من الحديث؛ لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كفنه في البردة، ولم يسأل عن دينه، ولا عن وصيته.
فإن قلت: كان مبشرًا بالجنّة، فكيف خاف أن يكون من الذين عجلت لهم طيّباتهم في الحياة الدنيا؟ قلت: لم يخش من سوء العاقبة، إنما خاف على نقصان الرتبة وانحطاط الدرجة.