٢٨ - باب قَوْلِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «إِذَا تَوَضَّأَ فَلْيَسْتَنْشِقْ بِمَنْخِرِهِ الْمَاءَ». وَلَمْ يُمَيِّزْ بَيْنَ الصَّائِمِ وَغَيْرِهِ
والاستثناء من أعم الأحوال؛ أي: لا يأتي بالركعتين في حال من الأحوال إلَّا في حال غفران الذنوب.
قال بعض الشارحين؛ فإن قلت: ما وجه الاستثناء؟ قلت: هو الاستفهام الإنكاري المفيد للنفي، ويحتمل أن يراد لا يحدث بشيء في شأن الرّكعتين؛ إلَّا في أنَّه قد غفر له.
وهذا الذي قاله لا يحدث بشيء إلَّا بالغفران مناف لغرض الشارع؛ وذلك أن غرضه لا يحدث نفسه بشيء سوى ما يتعلق بالصلاة من رعاية الأركان والآداب ولو صرف فكره على الغفران كان ذاهلًا عن شأن الصَّلاة لغرض نفسه.
فإن قلت: ما وجه دلالة الحديث على الترجمة؟ قلت: قوله: "نحو وضوئي" يدل على اشتماله على جميع الآداب والسنن، ومنها السواك، أو وقع ذكر السّواك في بعض طرق الحديث ولم يكن على شرطه؛ فأشار إليه كما هو دأبه.
باب قول النَّبيِّ - صَلَّى الله عليه وسلم - "إذا توضأ فليستنشق بمنخره"
بفتح الميم وكسر الخاء وقد تكسر الميم للإتباع: وهو داخل الأنف، قال ابن الأثير: ونخرتا الأنف -بضم النون- ثقباه؛ من النخير؛ وهو صوت الأنف.
(ولم يُمَيِّز بين الصائم وغيره) فبإطلاقه يشمله، وفيه دلالة على أن ما يبلغه الماء من الأنف ليس يُعد من الجوف، ولكن إذا بالغ بحيث وصل الماء إلى دماغه أفطر اتفاقًا (قال الحسن: لا بأس بالسَّعوط) -بفتح السِّين- الدواء الذي يجعل في الأنف -وبالضم- الفعل، والرّواية على الأول؛ فيقدر مضاف؛ أي: استعماله.
(وقال عطاء: إن مضمض ثم أفرغ ما فيه من الماء لا يضيره إنْ [لم] يزدرد ريقه) ويروى: "لا يضرّه" -بتشديد الرّاء- والمعنى واحد، يقال: ضرّه وضاره. وازدراد الطَّعام ابتلاعه. يقال: زرد وازدرد بتقديم المعجمة على المهملة بمعنى (ولا يمضغ العلك) -بكسر العين- ما يمضغ من العلك بفتح العين وسكون اللّام وهو المضغ، والعلك: جمع معروف (فإن ازدرد ريق العلك لا أقول: إنه يفطر، ولكن ينهى عنه) أي: نهي تنزيه، وعن مالك