مسعود عن علقمة وهو أنه ورد الشام فوجَدَ فيه أبا الدرداء، فقال له هذا الكلام من جملة ما قال -يريد ابن مسعود- وكان ابن مسعود يتولى من خدمة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هذه، أعني: حفظ النعلين والطهور والوسادة وهي المخدّة. ويقال: الوساد أيضًا.
قال بعضُ الشارحين: المشهور في وصف ابن مسعود صاحب السِّواد -بكسر السين المقدمة على الواو- ولعل السواد والوساد بمعنى واحد، وكأنها من باب القلب، والمقصود منه أنه صاحب السرار يقال: ساودته أي: ساررته. وأصله إدناء سوادك من سواده وهو الشخص. هذا كلامه. وأنا أقول: اتفقت نُسخ البخاري على الوسادة حيث وقع، فلا وجه للتكلف وارتكاب التمحلات وذكْرُ النعلين والطهور أدلّ دليل على أن المراد بالوسادة معناها المعروف. وأما قوله المشهور: إنه صاحب السواد فلا تنافي بين الأمرين، فهو صاحب السواد وصاحب الوساد. وقوله: إدناء سوادك من سواده أي: شخصك من شخصه. هذه عبارة الجوهري ولكن ضبطه ابنُ الأثير، وقال قوله - صلى الله عليه وسلم - لابن مسعود:"إذنك عليَّ أن ترفع الحجاب وتسمع سِوادي" أي: سِراري بالكسر وأما السَّواد بمعنى الشخص هو بالفتح؛ لأنه يرى من بعيد أسود ولذلك يقال: رأيت سواد إنسان من بعيد.
ثم إن البخاري ذكر حديث أنس أنه كان يحمل هو وغلام معه لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - إداوة من ماء. واستدل به أولًا على جواز الاستنجاء بالماء، وثانيًا على حمل الماء للطهور، وهو الوضوء. ولا منافاة لجواز أن يكون الغرضُ من حمل الماء كليهما وهو ظاهر.
باب: حمل العَنَزة مع الماء في الاستنجاء
العنزة -بفتح العين والنون- أطول من العصا وأقصر من الرمح في عقبه زجّ.