يقومون حوله كالحلقة محيطين به تعجبًا من حاله، فإنه كان القياس عكسه (فيقولون: ألست كنت تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر؟ فيقول: إني كنت آمر بالمعروف ولا أفعله، وأنهى عن المنكر وأفعله).
فإن قلت: مذهب أهل الحق أن الإنسان إذا كان في منكر كشرب الخمر مثلًا، ورأى غيره أيضًا في ذلك المنكر يجب عليه نهي الغير وإن كان هو فيه؟ قلت: لا تنافي، فإنه أتى بواجب فترك آخر، وإنما عوقب على ذلك الترك، قال تعالى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ}[الصف:٣،٢].
باب
كذا وقع من غير ترجمة، إنما لم يترجم لأنه يناسب الباب الأول لكونهما من الفتنة.
٧٠٩٩ - (عثمان بن الهيثم) بفتح الهاء وياء ساكنة ثم ثاء مثلثة (عن أبي بكرة) نفيع بن الحارث (قال: لقد نفعني الله بكلام أيام الجمل) أي: الكلام هو قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة) وأيام الجمل هي أيام لخروج عائشة أم المؤمنين وطلحة وزينب على الإمام علي بن أبي طالب، واشتهرت القصة بالجمل لأنها كانت في هودج على جمل اشتراه يعلى بن أمية بثمانين دينارًا، وقيل: بمائتي دينار، واسم ذلك الجمل عسكر.
فإن قلت: قد سلف من أبي بكرة أنه كان معتزلًا في الفتنة مستدلًا بقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار" فما معنى قوله: نفعني الله بكلمة فإنه يدل على أن عدم ذهابه مع عائشة لهذه الكلمة؟ قلت: ذهاب عائشة: أولًا لم يكن للقتال إنما كان قصدهم بذلك طلب قَتَلَهم عثمان، وإنما وقع القتال من غير قصد، وإنما نشأت الحرب بأن ترامى الصبيان من الطرفين ثم تناوش العبيد.