تأويل هذا الحديث؛ فقال مالك: مثاله أن يكون ثلاثة نفر لكل لك واحد أربعون شاة لو أبقوها على الانفراد كان على كل واحدة شاة، فإذا جمعوها كان على الكل شاة واحدة، وعكسه أن يكون لكل واحد مائة وأحد وعشرون شاة، فإذا جمعوها كان على كل واحد شاة، فإذا فرقوها على كل واحد شاتان.
وقال الشافعي: نهى الساعي في الصورة الأولى أن يفرق ليأخذ من كل واحد شاة، ولا يجمع في الصورة الثانية ليأخذ ثلاث شياه، ولا خلاف في المعنى؛ إلا أن الشافعي وجَّه كأن النهي إلى الساعي؛ ومالك إلى المالك، وحجَّ بعضهم طريقة مالك لقوله:"خشية"، فإنَّ الذي يخشى هو المالك لئلا تكثر عليه الصدقة، وفيه نظر؛ لأنه كما يخشى المالك من كثرة الصدقة، كذلك يخشى الساعي من قلتها، والآخذ هو الساعي، فالنهي إنما يتوجه إليه؛ كما اختاره الشافعي، ألا ترى إلى قوله - صلى الله عليه وسلم - لمعاذ:"إياك وكرائم الأموال"؛ وأما أبو حنيفة فلم يقل بخلطة الجوار، وأوَّل الحديث بأن يكون بين رجلين أربعون شاة شركة، فإذا فرقوها تسقط الزكاة.
ومعنى "لا يفرق بين مجتمع" أن يكون للرجل مائة وعشرون شاة، فإن فرقها المصدق كان فيها ثلاث شياه، وسيأتي في الباب الذي بعده الإشكال على تأويله.
باب ما كان خليطين فإنهما يتراجعان
(وقال عطاء وطاوس إذا علم الخليطان أموالهما فلا يجمع مالهما) هذا إن حمل على عدم العلم بالمقدار، فلا يتصور التراجع الذي بعده في الحديث، فيجب حمله على عدم العلم بأعيانها بعد العلم بالمقدار (وقال سفيان: لا يثبت حتى يتم لهذا أربعون، ولهذا أربعون) وبه قال مالك تمسكًا بقوله: "ليس فيما دون أربعين زكاة" وحمله القائلون بالخلطة