١٤٥٣ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى قَالَ حَدَّثَنِى ثُمَامَةُ أَنَّ أَنَسًا - رضى الله عنه - حَدَّثَهُ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ - رضى الله عنه - كَتَبَ لَهُ فَرِيضَةَ الصَّدَقَةِ الَّتِى أَمَرَ اللَّهُ رَسُولَهُ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ بَلَغَتْ عِنْدَهُ مِنَ الإِبِلِ صَدَقَةُ الْجَذَعَةِ، وَلَيْسَتْ عِنْدَهُ جَذَعَةٌ
ــ
ويحك! إن شأنها شديد) لأنه ترك الوطن، ومفارقته الأصحاب والأحباب إلى دار الغربة، وقولهم: ويحك: كلمة زجر، وهذا إنما كان قبل الفتح؛ لأن بعد الفتح لا هجرة.
فإن قلت: الهجرة قبل الفتح كانت واجبة؟ قلت: كانت واجبة على أهل مكة، وهي واجبة على من لا يمكنه إظهار دينه إلى يوم القيامة. وهذا السائل كان أعرابيًّا، وعلم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنَّ سكناه بالمدينة تشق عليه، وسأل عن قدرته على إقامة دينه، فأجابه بأنه قادر، ولذلك قال له:(اعمل من وراء البحار؛ فإن الله لن يترك من عملك شيئًا) البحار: جمع البحر والبحر البلد، وقد جاء في الحديث ذكره في هذا المعنى في البخاري وغيره، قال ابن الأثير: العرب تسمي المدن والقرى البحار، ومن لم يقف على هذا سأل، وأشكل عليه أن وراء البحار لا يسكن أحد، وتكلف في الجواب بما لا ضرورة فيه، ومعنى "لا يترك " لا ينقصك، قال تعالى:{وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ}[محمد: ٣٥] ويروى بسكون التاء من الترك.
باب من بلغت عنده صدقة بنت مخاض وليست عنده
١٤٥٣ - روى في الباب حديث أنس ([أن] أبا بكر كتب له فريضة الصدقة التي أمر بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) وقد سلف آنفًا بشرحه، لكن نشير إلى بعض ألفاظه. تقدم في الأبواب السَّابقة: "الصدقة التي فرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) وهنا قال:(فرض الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم -)، والتحقيق: أن لا حكم إلا الله، وإسناد أمثاله إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من حيث إنه مبلغ أحكامه، والواسطة بين الله وبين عباده (الجذعة) -بفتح الجيم والذال والعين- من الإبل ما كملت لها أربع سنين وطعنت في الخامسة من الجذع؛ وهو القوة، وحداثة السن، قال الجوهري: