ويوافق الأصول، ولا شك أن الناس إذا وصفوا إنسانًا بكمال القدرة يقال في كل أمر شاق: يفعله بإصبع واحدة، فالمراد تصوير كمال القدرة بأن أعظم الأجرام أهون عنده.
فإن قلت: ما معنى التقييد بيوم القيامة، والسماوات والكائنات كلها ثابتة بقدرته، قال الله تعالى:{إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا}[فاطر: ٤١]؟ قلت: العالم اليوم مرتبط بعضه ببعض، فلا يظهر فيه ذلك على طريق المشاهدة بخلاف ذلك اليوم، فإنه يفصل بعضه عن بعض كما صرح به في الحديث.
(فضحك النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى بدت نواجذه) -بالذال المعجمة- آخر الأسنان، قال الخطابي: إنما ضحك إنكارًا لكلام اليهود، وأطنب في المقام بما لا فائدة فيه، قال النووي: قوله: تصديق لكلام الحبر من كلام الراوي، والراوي أدرى بقصيده، قلت: تأييدًا لكلام النووي قراءة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الآية دليل على أنه إنما ضحك تصديقًا له، والعجب أن الخطابي استدل بقوله - صلى الله عليه وسلم - "لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم" وليس في هذا أن اليهود يكذبون في كل شيء، وإذا كان القرآن موافقًا لما عندهم فلا بد من التصديق.
فإن قلت: إذا كان تصديقًا فلم ضحك؟ قلت: إنما ضحك تعجبًا من جهل اليهودي، فإنه استعظم هذا الفعل من الله تعالى، وخفي عليه أن إيجاد هذه الأشياء من العدم أغرب وأعظم.