والأنصار صار علمًا للذين نصروا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد الهجرة، وهم الأوس والخزرج ومن كان حليفًا لهم من أولاد قحطان لما خَرب السيلُ بلادَ اليمن تفرقوا، وفي المثل: تفرقوا أيدي سبأ. هم أولاد سبأ بن يشجب، وقد قال الله تعالى في شأنهم:{وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ}[سبأ: ١٩].
وقد أثنى الله على الأنصار بعد مناقب المهاجرين عطفًا عليهم بقوله:{وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ}[الحشر: ٩] قال صاحب "الكشاف": معناه تبوءوا الدار وأخلصوا الإيمان، كقول الشاعر:
علفتها تبنًا وماءً باردًا
أو التقدير: جعلوا الإيمان مستقرًا ومستوطنًا بفتح القاف والطاء، لتمكنهم منه واستقامتهم عليه كما جعلوا المدينة كذلك، أو دار الهجرة والإيمان، قلت: الأوجه الثلاثة وجوه حسنة إلا أنّ هنا وجهًا آخر أحسن منها، وهو أن يقدر: ونصروا الإيمان أي أهل الإيمان، فإن الكلام في الأنصار الذين نصروا الدين وأظهروه، ألا ترى إلى قوله تعالى: