(فلم أرَ كاليوم في الخير والثر) أي: لم أر في شأن الخير والشر في يوم من الأيام مثل ما رأيت في هذا اليوم؛ لأنه رأى جزاء الخير الجنة وجزاء الشر النار.
(ثلاثًا) أي: أعاد هذا الكلام ثلاث مرات؛ كما هو دأبه في تبليغ الأحكام إذا تكلم بكلمة أعادها ثلاثًا.
قال بعض الشارحين: فإن قلت: ما وجه دلالته على الترجمة؟ قلت: فيه بيان رفع بصر الإمام إلى الشيء فناسب بيان رفع البصر إلى الإمام من جهة كونهما مشتركين في رفع البصر في الصلاة. هذا كلامُه وفيه خبط من وجوه:
الأول: أن ليس في هذا الحديث رفع بصر الإمام، غير أنه لما كان على المنبر أشار إلى جدار القبلة.
الثاني: أن قوله ناسب بيان رفع البصر. وقيل: وجه الدلالة مأخوذ من قوله: فأشار بيده قبل القبلة، فإن رؤيتهم الإشارة تقتضي أنهم كانوا يراقبون أقواله. وفيه نظر؛ لأن الإشارة وقعت بعد الفراغ من الصلاة، على أن الكلام إنما هو في رؤية أفعال الإمام؛ لأنه المحتاج إلى رفع البصر.
والصواب: أن حديث أنس مختصر من حديث ابن عباس وحديث عائشة؛ لاتحاد الوجه بلا خلاف، وفي حديثهما أنهم رأوا تأخره وتقدمه، فأشار في حديثه إلى ذلك كما هو دأبه من الإشارة والاستدلال بالخفي لله دره، في الصّلاة مجرد دعوى لا يفيده لفظ الحديث؛ وذلك هو سبب السؤال إلى الإمام ممنوع، ومن أين يلزم أن الإمام إذا رفع أن يرفع المأموم وقوله من جهة كونهما مشتركين في رفع البصر.