(حصّت كل شيء) أذهبت (حتى أكلوا الجلود) غاية للغاية الأولى (وقال أحدهم: القمر) الضمير للرواة (والآخر الروم) أي قال الراوي، هؤلاء الرواة عن أبى الضحى، وهم جرير بن حازم، والأعمش ومنصور وسليمان، تقدموا كلهم عن أبي الضحى، فلا ضرورة في جعل الضمير لسليمان، ومنصور على مذهب من يجعل أقل الجمع اثنين.
فإن قلت: لفظ القرآن يدل على أن الدخان كان منشؤه من السماء، وفي الحديث "أنه يخرج من الأرض"، وفي موضع آخر قال:"كان ذلك من الجوع"؟ قلت: الدخان لم يكن له حقيقة، وإنما كان ذلك تخايل لهم من ألم الجوع، كما أن منا من جاع شديدًا يرى مثل ذلك، وإنما أضافه إلى الأرض تارة؛ لأن شأن الدخان الصعود من الأرض، وتارة إلى السماء، لأنه حال بينهم وبين رؤيته، وقوله:"يرى مثل الدخان من الجهد والجوع" صريح في أن لا حقيقة له، فمن جعل الدخان من الأرض حقيقة، فقد زلت به القدم، كيف لا ولو كان له حقيقة لم يكن مخصوصًا بأولئك القوم.