وسيذكر في باب مسح اليد بالتراب عن ميمونة أنه غَسَل فرجه، ثم توضأ.
فإن قلتَ: سيأتي من حديث عائشة حين سئلت عن غُسْل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فدَعَتْ بماء، فاغتسلَتْ ولم تؤخر غسل الرجلين؟ قلتُ: قال النووي: أكثر الرواياتِ عن عائشة وميمونة ليس فيها استثناء الرجلين، فالأفضلُ إكمال الوضوء، ويحمل غسلُ الرجلين في هذه الرواية على أنه كان للتنظيف، أو كان بيانًا للجواز.
باب: غُسل الرجل مع امرأته
٢٥٠ - (آدم بن [أي] إياس) بكسر الهمزة (ابن أبي ذئب) -بلفظ الحيوان المعروف- محمد بن عبد الرحمن (عن عائشة قالت: كنتُ أغتسِلُ أنا ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - من إناء واحدٍ من قَدَح يقال له: الفَرَق) مِنْ الأولى: ابتدائية، والثانية: بيانية، والأَوْلى أن يكون الجار والمجرور بدلًا عن الجار والمجرور. والفَرَق -بفتح الفاء والراء- إناء يسع ستة عشر رطلًا. قال ابن الأثير: وقيل الفرق خمسة أقساط، والقِسْط نصفُ صالح. وأما الفَرْق -بسكون الراء- مئة وعشرون رطلًا. وقال النووي: فيه لغتان: الفتح والسكون. وفي الحديث دلالة على طهارة يد الجنب، وأن ما فَضَل منه طهور.
قال بعضُهم: فإن قلت: كنتُ أغتسل أنا والنبي - صلى الله عليه وسلم -، كيف يكون عطفًا، ولا يصح أن يقال: اغتسل النبي - صلى الله عليه وسلم - بصيغة التكلم؟ قلتُ: يقدر مناسب وهو من باب تغليب المتكلم، كما في قوله تعالى:{اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ}[البقرة: ٣٥].
ثم قال: فإن قلت: إنما وقع التركيب هناك، لأن آدم أصلٌ في سكنى الجنة، فما الفائدة هنا؟ قلتُ: لأن النساء محل الشهواث، وحاملات على الغسل. هذا كلامُهُ، وفيه خبظ.
أما أولًا: فلأنّ الكلامَ جارٍ على ظاهره، وليس من التغليب في شيءٍ.