سلف مرارًا، آخرها آنفًا في باب تفكر الرجل الشيء في الصلاة (حتى يَظَلَّ الرجل إن يدري كم صلى) أي: لا يدري؛ إن: نافيةَ، ويظل -بفتح الياء والظاء- من الأفعال الناقصة، ومعناه لغةً: اقتران العمل بالنهار؛ قال الشاعر:
أظلُّ أرعى وأبيت أطحن
وما في الحديث أُريد به مطلق الوقت؛ ومحصله: يصير بهذه الصفة، قال تعالى:{ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا}[النحل: ٥٨] أي: صار، وقد سلف مرارًا فإذا لم يدر كم صلّى.
فإن قلت: في رواية الشك: "وليَبْنِ" لا ينافي "فليسجد سجدتين وهو جالس" مسلم عن أبي سعيد: فليطرح. في رواية مسلم: ما استيقن ثم يسجد سجدتين؟ قلت: بل هو شرح لحديث أبي هريرة؛ لأن السجدتين في روايته إنما هما لوجود ذلك الشك، والا فالإتيان بالمتيقن واجب.
هذا وقد تحيروا في الجمع حتى رجح بعضهم حديث أبي هريرة، وجعل بعضهم وهو جالس متعلقًا بشك لا بسجد، ويلزم أن يكون في الرواية الأخرى متعلقًا بنسي في قوله:"إذا نسي أحدكم فليسجد سجدتين وهو جالس" فيحصر النسيان في حال السجود.