فَقَالَ «أَرْجُو أَنْ تَكُونُوا نِصْفَ أَهْلِ الْجَنَّةِ». فَكَبَّرْنَا. فَقَالَ «مَا أَنْتُمْ فِي النَّاسِ إِلَاّ كَالشَّعَرَةِ السَّوْدَاءِ فِي جِلْدِ ثَوْرٍ أَبْيَضَ، أَوْ كَشَعَرَةٍ بَيْضَاءَ فِي جِلْدِ ثَوْرٍ أَسْوَدَ».
٩ - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً)
وَقَوْلِهِ (إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا) وَقَوْلِهِ (إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لأَوَّاهٌ حَلِيمٌ) وَقَالَ أَبُو مَيْسَرَةَ:
ــ
فإن قلت: لم لم يخبر ابتداء بهذا العدد؟ قلت: إما أن أراد الترقي في البشارة، أو لم يكن عالمًا إلا على التدريج، فكما أخبره الله وأعلمه أخبر وأعلم، وهذا يدل على أن بعث النار هم الكفار؛ للقطع بأن بعض أمته يدخل النار ثم يخرج بشفاعته، وشفاعة سائر الشافعين.
(ما أنتم في الناس إلا كالشعرة السوداء في جلد ثور أبيض) يريد الناس كلهم المؤمن والكافر، وإلا فهم أكثر أهل الجنة.
فإن قلت: أيُّ فائدة لذكر هذا الكلام؟ قلت: إشارة إلى ما منَّ الله عليهم، فإنهم مع قلتهم في الناس هم أكثر أهل الجنة، ونحمد الله على أن جعلنا من هذه الأمة.
باب قول الله تعالى: {وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا} [النساء: ١٢٥]
{إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا} [النحل: ١٢٠]
قال صاحب "الكشاف": فيه وجهان:
أحدهما: أنه كان وحده أمة من الأمم؛ لكماله في صفات الخير كقول أبي نواس:
وليس على الله بمستنكر ... أن يجمع العالم في واحد
وعن مجاهد أنه كان مؤمنًا وحده، والناس كلهم كفار.
والثاني: أن يكون المعنى أنه مأموم يؤمه الناس لتعلم الخير، كقولهم: فلان رحلة ونخبة.
والقانت: المطيع لله.
(وقوله: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ} [التوبة: ١١٤] قال أبو ميسرة) -ضد الميمنة- هو