من ابن الزبير، وهذا يدلّ على أنَّه فهم أنّ ابن الزبير يروي من قوله:"بكفر لنقضت إلى آخره. . ." الحديث من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وليس كذلك، بل إن ما يروي ابنُ الزبير عن عائشة ستأتي مرارًا روايته صريحًا من غير واسطة الأسود عن عائشة، وفي تلك الرواية:"لولا قومك حديث عهد بالكفر" ولا يبعُدُ أن ابن الزبير إنما بادر إلى لفظ: بكفرٍ، لما سَمِع الأسودَ تركَهُ، وكان قد حفظ من عائشة، والدليل عليه أن الترمذي رواه عن الأسود بتمامه، إلا أنَّه قال بدل: بكفرٍ، بالجاهلية.
والحاصلُ أن ابن الزبير لم يروِ هذا الحديث عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قطّ، ومدار الحديث على عائشة باتفاق أهل الحديث، وقد روى الحديثَ عنها عروةُ بنُ الزبير، وعبد الله بن محمَّد بن أبي بكر، والحارث بن عبد الله بتمامه (ففعله ابن الزبير) أي: في أيام خلافته لانتفاء العلة التي امتنع لأجلها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وهو حداثة العهد بالكفر، ثمَّ نقض ذلك البناء الحجاج بعد قتل ابن الزبير.
باب: مَنْ خَصَّ بالعلم قومًا دون قومٍ كراهيةَ أن لا يفهموا
١٢٧ - (وقال علي: حدثوا الناسَ بما يَعْرفون، أتحبون أن يُكَذَّب اللهُ ورسولُه؟) أي: كلموا الناسَ بما يفهمون؛ لئلا يؤدي إلى تكذيب الله ورسوله، وما ضَلَّ من ضَلَّ إلا لقلة الإدراك، ألا ترى إلى قوله: {مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ (٧٨) قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ (٧٩)} [يس: ٧٨، ٧٩].
فإن قلتَ: ما الفرقُ بين هذه الترجمة والتي قبلها؟ قلت: التي قبلها مُطْلَقَةٌ وهذه مقيدة. فإن قلت: يلزم كتمان العلم؟ قلتُ: لا يلزم، ألا ترى إلى قوله: خَصّ بالعلم قومًا دون قوم.
(عُبيد الله بن موسى) على وزن المصغر (عن أبي الطفيل) -بضم الطاء على وزن