الأجر بقيراطَينِ، كل قيراطٍ مثلُ أُحُد) لم يَرِدْ بالقيراط ما عليها العرفُ وهو جزء من أربعٍ وعشرين جزءًا من الدينار، وإلا لم يصحَّ التشبيهُ بأُحد، بل نصيبًا وافرًا. استدل أبو حنيفة بلفظ الاتباع على أن المشي وراءها أفضل، والأئمة الثلاثة على أن المشي قُدَّامها أفضل، لأنَّ المتقدمين كالشفعاء للميت. وشأنُ الشفيعِ التقدُّمُ.
فإن قلتَ: في بعض الروايات: "من صلَّى على جنازةٍ قله قيراطٌ، ومن تبعه حتَّى يُدفَنَ فله قيراطان"، يدل على أن الحاصلَ لمن صَلَّى وحضر الدفن ثلاثة قراريط. قلتُ: حديث الباب نص في القيراطين، فيكون معنى تلك العبارة: له تمامُ القيراطين مع الأول، كما قالوا في تفسير أربعة أيَّام في تمام أربعة أيَّام لئلا تزيد الأيَّام على الستة.
(تابعه عثمان المُؤذن) الضمير في تابعه: يجوزُ عودُهُ إلى أحمد، وإلى رَوْح. وذلك أن البُخاريّ يروي عن عثمان المؤذن تارةً بلا واسطةٍ، وتارةً مع الواسطة، وعلى الأول: تكون المتابعة تامةً.
قال بعض الشارحين: إذا قال البُخاريّ: عن فلان، يُحمَلُ على السماع عند إمكان اللقاء، فهل إذا قال: تابعه فلانٌ يُجزم بسماع؟ قلتُ: قياسُ المتابعة على العنعنة يقتضي ذلك، لكنهم صَرَّحوا بذلك في العنعنة دون المتابعة.
وأنا أقول: هذا كلامٌ لا طائل تحته؛ فإن المتابعةَ إذا كان شيخ البُخاريّ مثل المتابع عليه، أقل درجات أن يكون معنعنًا، لاحتمال أن يكون لو صَرَّح بالعبارة كانت بلفظ السماع ونحوه. قال النووي: القيراطُ الثَّاني إنَّما يحصُلُ إذا تبع الجنازة. أما لو ذَهَبَ إلى القبر وحده ثم حضرت الجنازة، ثم يحصُلْ له ذلك القيراط، والدفن: عبارةٌ عن تسوية تمام التُّراب.