(أن النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم- قال لبلال عند صلاة الفجر: حَدَّثني بأرجى عمل عملته) أفعل تفضيل من رجوة والرجاء -بفتح الراء والمد- توقع أمر محبوب.
(فإنِّي سمعت دف نعليك بين يدي في الجنة) كما يتقدم الخدم بين يدي الموالي، والدف -بفتح الدال وتشديد الفاء- وكذا الدفيف: السير اللين، وفي رواية:"دوي نعليك" -بفتح الدال وكسر الواو وتشديد الياء- وفي أخرى:"خشخشة نعليك" وفي رواية مسلم: "خشفة" -بالشين والخاء المعجمتين- الصوت الخفي.
قال بعض الشارحين: فإن قلت: لا بد أن يكون في اليقظة، فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دخلها ليلة المعراج، وأما بلال فلا يلزم أن يكون في الجنة؛ لأن الظرف؛ أعني "في الجنة" متعلق بالسماع. هذا كلامه وخبطه ظاهر؛ لأن قوله "بين يدي" نصّ قاطع في أنَّه في الجنة، وأيضًا إذا لم يكن في الجنة فأيّ فضيلة في أن يسمع دُف نعليه خارج الجنة، وسيأتي في حديث بريدة هذا أنَّه قال:"بم سبقتني إلى الجنة يَا بلال".
وفي الحديث دلالة على فضل الوضوء، ودليل للشافعي في أن الصلاة إذا كان لهما سبب متقدم تجوز في الأوقات المكروهة. والتحقيق أن هذا كان في النَّوم، كما نرى نحن الإنسان راكبًا يسوق الفرس ويخاطب بكذا وكذا.
فإن قلت: من أين علم أن أرجى عمله ذلك؟ قلت: كان بلالٌ رجلًا فقيرًا ليس له مال يتصدق به وسائر النَّاس كانوا يشاركونه في سائر الفرائض، بنى الكلام على ظنه.