رواية ابن ماجة أنها أم كلثوم، ورجاله على شرط الشيخين، فالوجه جواز الجمع؛ لأن أمّ عطية كانت غسّالة الموتى، كذا ما قاله ابن عبد البر في ترجمتها.
فإن قلت: أصل الغسل واجب، وقيد ثلاث وما بعده ندب، فيجمع الحقيقة والمجاز؟ قلت: ندب عند من يقول بجواز الجمع، واجب عند من لا يقول به، وهم الكوفيون، فلا إشكال.
(فقال: اغسلنها ثلاثًا أو خمسًا أو أكثر) أي: من العدد الوتر، ولذلك لم يذكر الأربع (بماء وسدر) مبالغة في التنظيف؛ ولأنه دأب النساء عند الاغتسال (واجعلن في الآخِرة) -بكسر الخاء- أي: في المرّة الآخرة (كافورًا) لأنه يصلب الجسم، ويطرد الهوام وله رائحة طيبة، إكرامًا للملائكة الذين يسألونه.
(فإذا فرغْتُنَّ فآذِنّني) -بكسر الذال والمدّ- أي: أعلمنني (فأعطانا حقْوهُ) -بفتح الحاء وسكون القاف- فسّره البخاري بإزاره، وأصله لغة: معقد الإزار، فإطلاقه عليه مجاز، وسيطلقه على معقد الإزار فيما بعد (فقال: أشْعرنها إياه) -بفتح الهمزة- أي: اجعلنه شعارًا وهو: الثوب الَّذي يلي جلد الإنسان، والدّثار ما فوقه، ولذلك قال في مدح الأنصار:" [الأنصار] شعار والناس دثار".
فإن قلت: ليس في الحديث ذكر الوضوء؟ قلت: ذكره في الباب الَّذي بعده من رواية أمّ عطية، وهذا دأبه من الاستدلال بالخفي، وليس في الباب بعده من الزيادة إلَّا ذكر الوضوء، وزيادة سبع بدل قوله هنا:"أو أكثر"، وقد أشكل على بعضهم حتَّى زعم أن الضمير في قوله: وضوئه في الترجمة عائد إلى الغاسل.