أعطني قميصك أكفنه فيه) عبد الله بن أبي هذا خزرجي، رأس الكفر والنفاق، وهو الَّذي تولى كبره من حديث الإفك في حق أم المؤمنين الصديقة بنت الصديق، حبيبة سيّد الأولين والآخرين.
(وصَلِّ عليه واستغفر له) إما أن يغفر له، أو يدفع بذلك العار (فأعطاه قميصه) الَّذي كان يلبسه (فلما أراد أن يصلي عليه جذبه عمر وقال: أليس الله نهاك أن تصلي على المنافقين؟).
فإن قلت: آخر الحديث وهو قوله: {فصلى عليه، فنزلت {وَلَا تُصَلِ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا}[التوبة: ٨٤]) صريح في أن النهي عن الصلاة عليهم كان بعدما صلَّى على ابن أبي سلول وقول ابن عمر يدل على العكس؟. قلت: قول ابن عمر إشارة إلى قوله تعالى: {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسَتَغفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ}[التوبة: ٨٠]، فإن الصلاة على الميت استغفار له، ألا ترى أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ردّ على عمر بهذه الآية، وأشار إلى أنَّه ليس فيه نهي، بل مخير بين أمرين.
فإن قلت: في حديث ابن عمر أنَّه لما سأله ابنُه القميص أعطاه، وفي حديث جابر أنَّه ألبسه القميص بعد إخراجه؟ قلت: ظاهر كلام الحاكم في "الإكليل" أنَّه ألبسه قميصين، وأجاب بعضهم: بأن حديث جابر ليس فيه أنَّه ألبسه بعد إخراجه، فإن الواو لا تدل على الترتيب، وسيأتي في سورة براءة مزيد تحقيق إن شاء الله تعالى، وزعم صاحب "الكشاف" في تفسيره أنَّه لم يصل عليه، والحديث حجّة عليه.