١٢٩١ - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُبَيْدٍ عَنْ عَلِىِّ بْنِ رَبِيعَةَ عَنِ الْمُغِيرَةِ - رضى الله عنه - قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «إِنَّ كَذِبًا عَلَىَّ لَيْسَ كَكَذِبٍ عَلَى أَحَدٍ، مَنْ كَذَبَ عَلَىَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ». سَمِعْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «مَنْ نِيحَ عَلَيْهِ يُعَذَّبُ بِمَا نِيحَ عَلَيْهِ».
ــ
والنقع بوضع التراب على الرأس. وقال ابن الأثير: النقع رفع الصوت. وقيل: شق الجيوب. وقيل: وضع التراب على الرأس. قلت: حمله على الصوت بعيدٌ، لأنه مذكور في مقابلة اللقلقة.
فإن قيل: كيف منع عمر صهيبًا حين بكى عليه وأذن لهؤلاء النسوة؟ قلتُ: بكاء صهيب كان على وجه النياحة واأخاه واصاحباه وإذنه للنسوة إنما كان في مجرد البكاء لا غير. والذي يدل عليه ما في رواية البخاري ومسلم من قول عمر: يعذّب ببعض بكاء أهله.
قال أبو الفضل بن حجر: النهي عن النياحة كان بعد أحد، واستدل عليه بأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مرَّ على نساء بني الأشهل بعد أحد وهُنّ يبكين هلكاهن فقال:"لكن حمزة لا بواكى له" فجاءت النسوة يبكين فنهاهُنّ قلت: لم يكن في بكائهن نياحة. وقد روى ابن عبد البر في "الاستيعاب" عن الواقدي: لم تبك امرأةٌ على ميت بعد قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لكن حمزة لا بواكي له"، إلا بدأت بالبكاء على حمزة، ثم بكتْ على ميتها.
١٢٩١ - (أبو نُعيم) بضم النون مصغر (عن المغيرة بن شعبة قال: سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: إن كذبًا علي ليس ككذبٍ على أحد) لأن قوله وفعله شرعٌ إلى يوم القيامة. فكيف يساوي الكذب على غيره؟ وقد استوفينا الكلامَ عليه في باب الإيمان. وقال بعضهم في الفرق: إن الكذب عليه كبيرة وعلى غيره صغيرة، وهذا كلام باطل، كيف ومن الكذب على غيره شهادة الزور، وقد عدَّ الله ورسوله البهتان من أكبر الكبائر (من نيح عليه يُعَذَّبُ بما نيح عليه) أي: بقدر ذلك، فإن جزاء السيئة مثلها، وقد سبق أن هذا محمول على ما إذا أوصى به على دأب الجاهلية.