لَهُ «مَاذَا تَرَى». قَالَ ابْنُ صَيَّادٍ يَأْتِينِى صَادِقٌ وَكَاذِبٌ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «خُلِّطَ عَلَيْكَ الأَمْرُ» ثُمَّ قَالَ لَهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنِّى قَدْ خَبَأْتُ لَكَ خَبِيئًا». فَقَالَ ابْنُ صَيَّادٍ هُوَ الدُّخُّ. فَقَالَ «اخْسَأْ، فَلَنْ تَعْدُوَ قَدْرَكَ». فَقَالَ عُمَرُ - رضى الله عنه - دَعْنِى يَا رَسُولَ اللَّهِ أَضْرِبْ عُنُقَهُ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنْ يَكُنْهُ فَلَنْ تُسَلَّطَ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْهُ فَلَا خَيْرَ لَكَ فِي قَتْلِهِ». أطرافه ٣٠٥٥، ٦١٧٣، ٦٦١٨
ــ
قلت: كذبه بطريق الكتابة التي هي أبلغ من التصريح، فإنه خاتم الرسل، ويعلم أن لا رسول بعده، فشهد برسالة نفسه ورسالة كل رسول تقدمه، ومن شنيع القول ما يقال: أخرج الكلام على أسلوب الإنصاف، أي: إن كانتَ رسولًا فقد آمنت بك، وإن كانت كاذبًا فلا.
(قال ابن صياد: يأتبني صادق وكاذب، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - خلط عليك الأمر) -بضم الخاء- على بناء المجهول، أشار إلى أن هذا شأن الكهان.
(ثم قال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: إني قد خبات لك خبيًا) أي: أضمرت في خاطري شيئًا، كما يضمر للكهان (فقال ابن صياد: هو الدُّخُّ) -بضم الدال وتشديد الخاء- لغة في الدخان، وأنشد ابن الأثير:
وعند رِوَاقِ البيتِ يَغْشَى الدُّخَّا
وقيل: الدخ هو الموضع الذي يَقْتُلُ فيه عيسى ابن مريم الدّجال، والصواب الأول، لما روى الطبراني: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال للأصحاب:"كنت أضمرت له سورة الدخان" ولعله إنما خص سورة الدخان لقوله تعالى: {فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ}[الدخان: ١٠]، فإنه أيضًا من أشراط الساعة.
قال:(اخسأ) كلمة يزجر بها الكلب (فلن تعدو قدرك) أراد أنك من الكهان الذين يضمون إلى كلمة صادقة أكاذيب.
(فقال عمر: دعني يا رسول الله أضرب عنقه، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: إن يكن هو فلن تُسلط عليه) أي: إن يكن دجالًا فلست قاتله، فإن قاتله عيسى، الضمير المرفوع وقع خبر كان؛ لأن