بِالْيَمَنِ فَجِئْتُ وَهْوَ بِالْبَطْحَاءِ فَقَالَ «بِمَا أَهْلَلْتَ». قُلْتُ أَهْلَلْتُ كَإِهْلَالِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «هَلْ مَعَكَ مِنْ هَدْىٍ». قُلْتُ لَا. فَأَمَرَنِى فَطُفْتُ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ ثُمَّ أَمَرَنِى فَأَحْلَلْتُ فَأَتَيْتُ امْرَأَةً مِنْ قَوْمِى فَمَشَطَتْنِى، أَوْ غَسَلَتْ رَأْسِى، فَقَدِمَ عُمَرُ - رضى الله عنه - فَقَالَ إِنْ نَأْخُذْ بِكِتَابِ اللَّهِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُنَا بِالتَّمَامِ قَالَ اللَّهُ (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ) وَإِنْ نَأْخُذْ بِسُنَّةِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَإِنَّهُ لَمْ يَحِلَّ حَتَّى نَحَرَ الْهَدْىَ. أطرافه ١٥٦٥، ١٧٢٤، ١٧٩٥، ٤٣٤٦، ٤٣٩٧
ــ
صدقاتهم (فجئت وهو بالبطحاء) يريد بطحاء مكة؛ وهو الوادي الذي بين مكة ومنى (فقال: بما أهللت؟ فقلت: أهللت كإهلال النبي -صلى الله عليه وسلم-) ولم يكن معه الهدي؛ فَأمره أن يُحِلَّ كما أمرَ بذلك سائر أصحابه (فقدم عمر فقال: إن نأخذ بكتاب الله فإنه يأمرنا بالتمام؛ قال الله تعالى:{وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ}[البقرة: ١٩٦]؛ وإن نأخذ بسنَّة النبي -صلى الله عليه وسلم- فإنه لم يُحلَّ حتّى نحر البُدن) سيأتي بعد هذا أنّ أبا موسى قال: كنت أُفتي بالتمتع إلى أن قدم عمرُ حاجًّا في خلافته فمنعني عمر، استدلالًا بما ذكره هنا.
قال بعض الشارحين: فإن قلت: ما وجه دلالة الآية على ذلك؟ قلت: لأن من إتمام الحج الإحرام من الميقات؛ والمتمتع إنما يحرم من مكة، وهذا الذي قال يرده استدلال عمر بالحديث لأنّه أبطله بفعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؛ لا بأنه تجاوز عن الميقات. وقال: إنما كان عمر نهى عن فسخ الحج إلى العمرة. وهذا الذي قاله يخالفه حديث أبي موسى.
قال النووي: والمختار أن عمرَ وعثمان كانا يكرهان التمتع، ثم انعقد الإجماع على عدم الكراهة.
وفقه الحديث: جواز تعليق الإحرام على إحرام رجل آخر؛ فإن كان محرمًا فيكون إحرامُه كإحرامِه؛ وإن لم يكن ما يصرف إحرامه على ما شاء، وإن مات -قبل الوقوف- على حاله يجعل نفسه قارنًا [أجازه] الشافعي ومنعه المالكية والكوفيون.
قيل: الظاهر أنه مذهب البخاري؛ ولذلك قيَّده بزمن النبي -صلى الله عليه وسلم- في الترجمة.
قلت: على العكس أدَلّ؛ فإنه إذا جاز في زمن النبي -صلى الله عليه وسلم- وقرره كان شرعًا لأمَّته، وإلا لأشار إليه كما أشار في جذعة ابن نيار.