قَالَ فَأَخْبَرَتْنِى عَائِشَةُ - رضى الله عنها - أَنَّ أَوَّلَ شَىْءٍ بَدَأَ بِهِ حِينَ قَدِمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ تَوَضَّأَ، ثُمَّ طَافَ، ثُمَّ لَمْ تَكُنْ عُمْرَةً، ثُمَّ حَجَّ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ - رضى الله عنهما - مِثْلَهُ، ثُمَّ حَجَجْتُ مَعَ أَبِى الزُّبَيْرِ - رضى الله عنه - فَأَوَّلُ شَىْءٍ بَدَأَ بِهِ الطَّوَافُ، ثُمَّ رَأَيْتُ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارَ يَفْعَلُونَهُ، وَقَدْ أَخْبَرَتْنِى أُمِّى أَنَّهَا أَهَلَّتْ هِىَ وَأُخْتُهَا وَالزُّبَيْرُ وَفُلَانٌ وَفُلَانٌ بِعُمْرَةٍ، فَلَمَّا مَسَحُوا الرُّكْنَ حَلُّوا. حديث ١٦١٤ طرفه ١٦٤١، حديث ١٦١٥ طرفاه ١٦٤٢، ١٧٩٦
ــ
ومنشأ هذا السؤال أن ابن عباس كان يقول بذلك لمن لم يسق الهدي، وإنما أخد ذلك من أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أصحابه بذلك، وأجاب غيره بأن ذلك إنما كان بعد فسخ الحج إلى العمرة.
وقوله:(قال: أخبرتني عائشة أن أول شيء بدأ به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين قدم الطواف، ثم لم تكن عمرة) قد ذكرنا سالفًا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان قارنًا، والقارن: هو الَّذي يجمع النسكين في إحرام واحد وطواف واحد (فلما مسحوا الرُّكن حلّوا) قال النووي: لا بدّ من تأويل هذا الكلام؛ لأنّ مسح الرُّكن يصدق على أول الطواف؛ ولا بدّ من السعي والحلق، وإنما صدقت هذه الأشياء للعلم بها.
قال بعض الشارحين: أقول لا حاجة إلى التأويل؛ لأن مسح الرُّكن كناية عن الطواف، وأمّا السعي والحلق فليسا بركنين عند بعض العلماء.
وليس ما قاله بشيء، لأن المسح يصدق على أول مسحه، فلا بدَّ من التأويل قطعًا؛ وأما قوله: الحلق والسعي ليسا بركنين، فلا وجه له، لأن الكلام في فعل المهاجرين والأنصار، ومعلوم أنهم لم يكونوا قبل الحلق والسعي يحلون، وقد سلف قبل هذا من روايات عديدة عن الذين [......] بين الصّفا والمروة [...] على أن الكلام ليس في الأركان. والسعي والحلق إما واجبان؛ أو ركنان عند الأئمة الأربعة، وكذا حمل المسح على مسح الركن بعد ركعتي الطواف؛ لما روى مسلم عن جابر: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فعل ذلك في حجة الوداع، ثم خرج إلى الصفا؛ لأن الكلام فيمن حل بعد السعي، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يحل، لأنه كان قارنًا، وأمّا هؤلاء الذين حفوا استلموا بعد ركعتي الطواف فلم تأت به رواية قط.