يجوز فيه اللام للمح معنى الوصفية، صَرَّح به النحاةُ في مثل العباس والحسن فلا ضرورة إلى أن يقال: مؤول بواحدٍ من الأمة المسماة بذلك الاسم.
(فجعل الله الحوتَ آية) علامةَ وجدانه لقوله: (إذا فقدتَ الحوتَ فارجع، فإنك ستلقاه، فكان يتّبع أثر الحوت) الضمير في كان لفتاه: يوشع بن نون، وذلك أن موسى قال له: إذا فقدت الحوت أخبرني، ففي الكلام اختصار سيأتي مطولًا عن قريب ({قَالَ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ}[الكهف: ٦٤]) قرأه بدون الياء عاصمٌ وابن عامر وحمزة {فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا}[الكهف: ٦٤]) أي: يقصان من آثارهما. من: قصصت الشيء إذا تتبعته. انتصابه على المصدر. ومنه: القصة لأن الحاكي يتبع المسموع.
ومن فوائد الحديث أن العالم ينبغي أن لا يغترّ بعلمه {وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ}[يوسف: ٧٦] وإذا سمع ممن هو أعلمُ منه شيئًا يأخذ منه ولا يستنكف، وإن احتاج إلى الرحلة ارتحل، وأن المفضول له أن يخدم الفاضل، ومثله لا يعد من أخذ الأجر على العلم. وأَنَّ حمْلَ الزاد في السفر من آداب المرسلين، ولا يقدح ذلك في التوكل كما يزعمه جَهَلَةُ الصوفية، يكونون كَلا على المسلمين، وأن الأفعال وإن كانت بخلق الله، يجوز إسنادها إلى الأسباب كما في قوله:{وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ}[الكهف: ٦٣].
فإن قلت: ترجم على ذهاب موسى إلى الخضر في البحر، وليس له ذكر في الحديث؟ قلتُ: أشار إلى وروده في الحديث ولم يكن على شرطه. قال شيخ الإسلام: وقد جاء عن أبي العالية أنه وجده في جزيرةٍ من جزائر البحر. قلتُ: أخرج منه ما رواه ابن الأثير: وجده على كبد البحر. قال الجوهري: كبد الشيء وسطه.