(عن علي: ما عندنا شيءٌ إلا كتاب الله وهذه الصحيفة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان عنده علم غزير، ظن الناسُ أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خصّه به، فأجاب بأنه لم يخص أحدًا بشيء، ولكن من أعطاه الله فهمًا استخرج من كلامه بقدر فهمه (المدينة حرم ما بين عائر إلى كذا) أي: إلى ثور كما تقدم (لا يقبل منه صرف ولا عدل) الصّرف: التوبة، والعدل: الكفارة، قاله أبو عبيد عن مكحول، وقيل: الصرف: النافلة، والعدل: الفرض، وقد قيل غير هذا إلى عشرة أقوال، وعلى الوجهين الكلام يحتمل الخبر والدّعاء.
(وقال: ذمة المسلمين واحدة) إذا أجار واحد منهم كافرًا نفذ أمانه على الكل، وسيأتي تمام الكلام في أبواب الموادعة (فمن أخفر مسلمًا) أي: نقض أمانه، يقال: خفرت الرجل إذا حفظت أمانه وعهده، وأخفرته إذا نقضت عهده (ومن تولى قومًا بغير إذن مواليه) قوله: "بغير إذن مواليه" ليس معناه أنّ الموالي إذا أذنوا يجوز له ذلك، بل معناهُ أنهم لا يأذنون إذا استأذن. قال النووي: غلظ التحريم فيه لأنّ الولاء شجنة كشجنة النسب، فكما لا يمكن الخروج من النسب، فكذلك عن الولاء، وفيه قطع الولاية والإرث، والعقوق وكفران النعم.
فإن قلت: اتفق العلماء على أنّ لعن المؤمن لا يجوز؟ قلت: خص منه هذا ونظائره مما نصّ عليه الشارع.