الناسخ قوله تعالى:({فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ}[البقرة: ١٨٥]). (وقال ابن نمير) بضم النون مصغر نمر: عبد الله (عمرو بن مرَّة) بضم الميم وتشديد الرّاء (ابن أبي ليلى) محمد بن عبد الرَّحمن (حدّثنا أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم -) ليس هذا من الرّواية عن المجهول؛ لأنَّ الأصحاب كلهم عدول (نزل رمضان فشق عليهم) لأنهم لم يكونوا معتادين، مع كون البلاد حارة، وهم أهل عمل (فرخص لهم في ذلك) أي: في الإفطار مع القدرة على الصوم (فنسختها {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ}).
فإن قلت: قد ذكرت أن الناسخ هو قوله تعالى: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ}؟ قلت: الأمر كذلك، وفي هذا الكلام تسامح، ومن الشارحين من ذكر مثل ما ذكرنا، الناسخ هو قوله:{فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} ثم قال ثانيًا هنا: كيف نسختها والخيرية لا تقتضي الوجوب؟ وأجاب بأنّ معناه الصوم خير من التطوع بالفدية، والتطوع بها سنة؛ بدليل أنَّه خير، والخير من السنة لا يكون إلَّا واجبًا. هذا كلامه، وخبطه لا يخفى، وذلك أن قوله التطوع بالفدية سنة غلط؛ لأنَّ الفدية واجبة بعد الإفطار، ومنشأ وهمه قوله تعالى:{فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ} بعد ذكر الفدية، قال البيضاوي: من تطوع بالزيادة على الواجب من الفدية فهو خير.
الثَّاني: أن قوله: الصوم خير من التطوع بالفدية مخالف لقول المفسرين؛ وذلك أن الخيرية صرفوها إلى الإفطار؛ ولذلك قال صاحب "الكشاف" و "البيضاوي": الآية تنتظم المريض والمسافر لا فدية عليهما.