فإن قلت: الأولاد والزوجة مقدم على الأبوين، وأيضًا هما كانا نائمين ليس لهما ضير ولا ضرورة؛ بخلاف الأطفال فإنهم كانوا يصيحون من ألم الجوع.
قلت: غرض الرَّجل أنَّه فعل ذلك لوجه الله؛ لكونه أوصى بالوالدين إحسانًا؛ سواء كان مصيبًا في ذلك أو مخطئًا.
وقال بعض الشارحين: يجوز أن يكون صياح الصبي لم يكن من الجوع؛ بل من شيء آخر، وهذا الذي قاله خلاف مراد الرَّجل، وخلاف ما دل عليه السياق.
(فافرج عنا فرجة) بضم الفاء وفتحها وهو الكشف، يستعمل في المحسوس والمعقول (وقال الآخر: اللهمَّ إن كنت تعلم أني كنت أحب امرأة).
[فإن] قلت: وجه هذا الكلام، فإن إن الشرطية إنما تدخل في المشكوك، وكونه تعالى عالمًا بحال المتكلم معلوم مقطوع به عند المتكلم، وأيضًا تصدير الكلام بقوله:"اللهمَّ" ما فائدته؟
قلت: إن قد تدخل على المقطوع به؛ كقولك لمن لك عنده حق: إن كان لي عندك حق فأعطني، ولعل في ذلك التحاشي عن صريح الحكم على الله تعالى؛ أما ذكر اللهمَّ ففي موقعه لأنه خاطبه، فلا بد من تقديم النداء.
(فقالت: لا تنال ذلك منها حتَّى تعطيها مائة دينار) ذلك إشارة إلى الوقاع، وكان ظاهر الكلام: لا تنال ذلك منا؛ إلا أنها التفت إلى الغيبة عند ذكر الفاحشة، وهو التفات في غاية الحسن.
فإن قلت: سيأتي في رواية أخرى مائة وعشرون دينارًا؟ قلت: التفاوت من حفظ الراوي.
(اتق الله ولا تفض الخاتم) بفتح التاء وكسرها لغتان، وفض الخاتم رفعه عن المختوم عليه، كَنَّتْ بذلك عن الوقاع، وهذه أَيضًا كناية في غاية الحسن (اللهمَّ إن كنت تعلم أني