فإن قلت: تقدم مرتين: "كمثل رجل استأجر قومًا يعملون له إلى نصف النهار"؟ قلت: ذلك مثل مؤمني أهل الكتاب قبل نسخ شرائعهم قبل بعثة رسول الله- صلى الله عليه وسلم -، ومثل أمة محمَّد - صلى الله عليه وسلم -، والغرض بيان فضل هذه الأمة، وهذا التشبيه إنما هو لمن كفر بمحمد - صلى الله عليه وسلم - بعد بعثه ومن آمن به؛ فإن من لم يؤمن به من أهل الكتاب بعد بعثته يحبط عمله السالف.
(واستأجر أجيرين بعدهم) هم النصارى.
(فقال: أكملوا بقية يومكم هذا ولكم الذي شرطت لهم من الأجر) أي: مثل ذلك في القدر.
(فاستأجر قومًا أن يعملوا له بقية يومهم، فعملوا بقية يومهم حتَّى غابت الشَّمس، فاستكملوا أجر الفريقين) أي: مثل ما كان شرط لهم، أي لكل فريق.
(فذلك مثلهم) أي: مثل المُؤْمنين (ومثل ما قبلوا من هذا النور) أي: الإيمان والإِسلام؛ فإن الكفر وكل بدعة ظلمة؛ والإيمان وكل سنة نور، قال تعالى:{اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ}[البقرة: ٢٥٧].