فَانْطَلَقَ يَمْشِى وَمَا بِهِ قَلَبَةٌ، قَالَ فَأَوْفَوْهُمْ جُعْلَهُمُ الَّذِى صَالَحُوهُمْ عَلَيْهِ، فَقَالَ بَعْضُهُمُ اقْسِمُوا. فَقَالَ الَّذِى رَقَى لَا تَفْعَلُوا، حَتَّى نَأْتِىَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَنَذْكُرَ لَهُ الَّذِى كَانَ، فَنَنْظُرَ مَا يَأْمُرُنَا. فَقَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَذَكَرُوا لَهُ، فَقَالَ «وَمَا يُدْرِيكَ أَنَّهَا رُقْيَةٌ - ثُمَّ قَالَ - قَدْ أَصَبْتُمُ اقْسِمُوا وَاضْرِبُوا لِى مَعَكُمْ سَهْمًا». فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. وَقَالَ شُعْبَةُ حَدَّثَنَا أَبُو بِشْرٍ سَمِعْتُ أَبَا الْمُتَوَكِّلِ بِهَذَا. أطرافه ٥٠٠٧، ٥٧٣٦، ٥٧٤٩
ــ
قال ابن الأثير: صوابه أنشط، يقال: نشطته إذا عقلته، نشحطته إذا حللته.
قلت: لا وجه لرواية البناء؛ بل هو من نشطت الدلو إذا نزعته.
(فانطلق يمشي ما به قلبة) -بفتح القاف والسلام والباء- ي: ليس به ألم؛ وسمي قلبة لأن من به مرض يقلب النظر إليه، أو يقلب ذلك الموضع ليتمكن من وضع الدواء عليه (فقدموا على النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم- فذكروا له، وقال: وما يدريك أنها رقية؟)(قد أصبتم) أي: في التوقُّف فيه، أو في أخذ الجعل.
(اضربوا لي معكم بسهم) فَعَلَهُ تطييبًا لقلوبهم؛ ليعلم أنَّه خال من كل شبهة.
(فضحك النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم-) لعل ضحكه كان فرحًا بما ألهم الله أصحابه، أو بما جعل الله في القرآن شفاء.
(قال شعبة: أخبرنا أبو بشر: سمعت أَبا المتوكل) فائدة هذا التعليق التصريحُ بالسّماع، وفيه دفع توهم التدليس؛ بخلاف السند الأول؛ فإنَّه معنعن.
فإن قلت: ورد في الأحاديث النهي عن الرقية قلت: النهي إنما ورد في رقية لا يُعلم معناها، أو تشتمل على ألفاظ لا تحل؛ جمعًا بين الروايات.
فإن قلت: جاء في وصف الذين يدخلون الجنة بغير حساب "هم الذين لا يرقون ولا يسترقون"؟ قلت: ذاك مقام الكُمَّل من المتوكلين، والكلام هنا في الجواز.