شرفًا أو شرفين) الاستنان: عدو الفرس خاليًا عن راكبه للنشاط. والشرف: الموضع العالي؛ إذ عادة الخيل كذلك، والمراد: طلقًا أو طلقين (ولو أنها مرت بنهر فشربت ولم يرد أن يسقي كان ذلك حسنات له) هذا موضع الدلالة على الترجمة؛ لدلالته على جواز سقي الدواب من الأنهار، واتفق الأئمة على جواز شرب الماء وسقي الدواب من الأنهار المملوكة، قالوا: ولا يملك الماء إلا إذا أخذ في الوعاء، وإذا حصل له الثواب من غير إرادته سقيها، فبالأولى إذا أراد سقيها.
فإن قلت: كيف يحصل له الثواب، وقد تقدم أنما يكون ثواب الأعمال بالنيات؟ قلت: ربطها في سبيل الله كاف في ذلك.
(ورجل ربطها تغنيًا) أي: استغناء عن أموال الناس (وتعففًا) عن سؤالهم (ثم لم ينس حق الله في رقابها ولا ظهورها) أي: في أثمانها إذا باعها، وإعارة ظهرها للركوب لمن احتاج إلى ذلك على طريق المودة والمواساة، فلا دلالة فيه على وجوب الزكاة، من أوجبها شرط اختلاط الذكور والإناث، ولا إشعار في الحديث بذلك.
(ورجل ربطها فخرًا) يفتخر بها (ورياء) يرائي بها الناس أنه يريد الجهاد بها (ونواء) -بكسر النون- معاداة (لأهل الإسلام) كما ترى الآن يفعله أكثر الظلمة.
(وسئل عن الحمير) أي: عن حكمها (فقال: ما أنزل علي فيها شيء الا هذه الآية الجامعة) أي: لكل بر وخير (الفاذة) المنفردة الممتازة عن سائر الآيات؛ إذ ليس في القرآن آية تشاركها في هذا المعنى، مع قلة اللفظ حاطت بالذرة إلى ما لا نهاية من الخير والشر.