قيل في عُرف الشرع: إنما يطلق على المتلو. أي: على كلام الله. وليس بشيء؛ لأن كلّ ما تكلم به نبيٌ من الأنبياء في الأحكام، ولم يكن عن اجتهاد فهو وحيٌ. قال الله تعالى: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (٤)} [النجم: ٣، ٤] أَلَا ترى أنهم يقسمون الوحيَ على المتلو وغيره، وليت شعري كيف يستقيمُ الاستدلالُ بقوله تعالى:{إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ}[النساء: ١٦٣] إذ لم يكن لكل نبي بعد نوح وحيٌ متلو، وسيأتي في كتاب الإيمان قوله:"أوحي إلي أنكم تفتنون في قبوركم".
قوله (وقول الله) مرفوع على الابتداء، لأنه ابتداء لكلامٍ استدل به على إثبات ما ترجم به.
قال النووي: عادة البخاري أن يستدلّ للترجمة بما وقع له من الكتاب والسنة وغيرهما.
وقيل: مرفوعٌ عُطف على لفظ البدء، أو مجرورٌ عُطف على محل: كيف كان. وكلاهما فاسد، أما الأول فلأنّ المعنى إذًا كيف كان قول الله. وأما الثاني فلأنه يؤول المعنى إلى باب كيف قول الله:{إِنَّا أَوْحَيْنَا}[النساء: ٦٣]. ومن المعلوم أن غَرَض المؤلف ليس ذلك.
فإن قلتَ: رواية الجر مشهورةٌ، فما الوجه فيها؟ قلت: الوجه فيه أن الجرّ جرُّ جوارٍ كما في قول الشاعر:
يذهبن في نجد وغور غائر
وقراءة حمزة:{وَالْأَرْحَامَ}[النساء: ١] بالجر كما أشار إليه في "الكشاف".
ثم التحقيق في هذا المقام: أن البخاري يورد الآيات على وجهين؛ تارةً لإثبات