هريرة هناك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:"لن يبسط أحدٌ ثوبه حتَّى أقضي مقالتي، ثم يجمع إليه ثوبه إلا وَعَى ما أقول" فبسطت نمرة كانت علي حتَّى إذا قضى مقالته جمعتها إلى صدري، فما نسيتُ من مقالته تلك شيئًا؟ قلتُ: تلك قضية أخرى. والمذكورة هنا أعمّ وأتم، والظاهر أن تلك كانت قبل، ولذلك لما ذاق أبو هريرة حلاوة الحفظ سأله الزيادة، فساعَدَه الوقتُ فلم ينسَ شيئًا أصلًا بعده. وفي بعض نُسخ البخاري:(حدثنا إبراهيم بن المنذر، حدثنا ابن أبي فُدَيك) -بضم الفاء وفتح الدال على وزن المصغر- اسم الابن: محمد، واسم الأب: إسماعيل، (وقال: يحذف بيده) -بالحاء المهملة والذال المعجمة- بدل قوله: فغرف، والحذف: الضربُ. أي: ضرب يده في الهواء.
١٢٠ - (إسماعيل) هو ابن أبي أُويس بضم الهمزة (حدثنا أخي) أخوه عبد الحميد الأصبحي، كلاهما ابن أخت مالك بن أنس (عن ابن أبي ذئب) -بلفظ الحيوان المعروف- اسمه: محمد بن عبد الرحمن، وأبو ذئب جدّه الأعلى (عن سعيد المَقْبُري) بضم الباء وفتحها؛ لأنه كان يسكن إلى جانب المقابر.
(عن أبي هريرة قال: حفظتُ من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وِعَاءَيْنِ من علمٍ) شبَّه المعقول بالمحسوس، فاستعار له الظرف الَّذي هو من خَوَاصّ المشبه به، أو تمثيل، فإن تشبيه العلم والإيمان، بالماء والعسل واللبن شائع (أما أحدُهما فبثثتُهُ، وأما الآخر فلو بَثَثْتُهُ قُطِعَ هذا البُلْعومُ) البَثُّ: هو النشر والتفريق، والبُلْعوم -بضم الباء- فَسّره البخاري بمجرى الطعام.
فإن قلتَ: ما هذا الوعاء الَّذي لو بَثَّهُ قُطِعَ حُلْقُومُهُ؟ قلتُ: هو ما يتعلق بأمر الخلفاء والفتن التي وقعت من بني أُمية، من مخالفة معاوية لعلي بن أبي طالب، وبعده من قتل الحسين، وخراب المدينة الشريفة، وقتل الصحابة والعلماء على يد مسلم بن عُقْبة، وقتل ابن الزبير على يد الحجّاج السفَّاك القَتّال، والرمي بالمنجنيق على البيت العتيق. وقد أشار إلى هذا