للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَالَ: يَا رَبِّ، وَكَيْفَ بِهِ؟ فَقِيلَ لَهُ: احْمِلْ حُوتًا فِي مِكْتَلٍ، فَإِذَا فَقَدْتَهُ فَهُوَ ثَمَّ، فَانْطَلَقَ وَانْطَلَقَ بِفَتَاهُ يُوشَعَ بْنِ نُونٍ، وَحَمَلَا حُوتًا فِي مِكْتَلٍ، حَتَّى كَانَا عِنْدَ الصَّخْرَةِ وَضَعَا رُءُوسَهُمَا وَنَامَا، فَانْسَلَّ الحُوتُ مِنَ المِكْتَلِ فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي البَحْرِ سَرَبًا، وَكَانَ لِمُوسَى وَفَتَاهُ عَجَبًا، فَانْطَلَقَا بَقِيَّةَ لَيْلَتِهِمَا وَيَوْمَهُمَا، فَلَمَّا أَصْبَحَ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ: آتِنَا غَدَاءَنَا، لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا، وَلَمْ يَجِدْ مُوسَى مَسًّا مِنَ النَّصَبِ حَتَّى

ــ

قد كان. فإن المحققين على أن ذلك من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لم يكن كذا، لأنه بناه على ظنه. والبحران: قيل: هما بحر فارس والروم.

فإن قلتَ: ما معنى عتاب الله؟ قلتُ: الإشارة إلى أن ما صدر منه كان خلاف الأولى، وأصلُ العتاب مخاطبة الأحباء على طريقة الإدلال، قال الشاعر:

ويبقى الوُدُّ ما بقي العتاب (٢)

(قال يا رب: وكيف به؟) أي: طريق الاجتماع به (فقيل له: احمِلْ حوتًا في مِكْتل) -بكسر الميم-: الزنبيل. قال ابن الأثير: هو الزنبيل الكبير الذي يَسَعُ خمسة عشر صاعًا من الكتاب وهو الثقل. قلتُ: الظاهر أنه من إطلاق المقيد على المطلق مجازًا، إذ الإنسان لا يحمل مثله على ظهره (وانطلق معه بفتاه يوشع) أي: بخادمه. يطلق على كل خادم، أصله من الفُتُوّة وهو حداثةُ السنّ؛ لأن الأكثر أن يكون الخادم شابًا، وقال البخاري: يُوشَع بالشَين المعجمة والمهملة (وَضَعا رؤوسهما) جمع الرأس وإن كانا اثنين كراهةَ اجتماع التثنيتين، وهو كثير في كلام العرب.

(فانسَلَّ الحوتُ من المكتل {فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا} [الكهف: ٦١]) سيأتي تفسيره أنه بقي الماء مثل الطاق بأن أمسك الله عنه الجرية. وأصل السرب: المسلك في خفية (وكان لموسى وفتاه عجبًا) الضمير في: كان، لققد الحوت (فانطلقا بقية ليلتهما ويومهما) كذا وقع هنا، والصوابُ بقية يومهما وليلتهما بتقديم اليوم لقوله: (فلما أصبح). كما وقع في تفسير

<<  <  ج: ص:  >  >>