مِنْهَا». فَانْطَلَقْنَا تَعَادَى بِنَا خَيْلُنَا حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى الرَّوْضَةِ، فَإِذَا نَحْنُ بِالظَّعِينَةِ فَقُلْنَا أَخْرِجِى الْكِتَابَ. فَقَالَتْ مَا مَعِى مِنْ كِتَابٍ. فَقُلْنَا لَتُخْرِجِنَّ الْكِتَابَ أَوْ لَنُلْقِيَنَّ الثِّيَابَ. فَأَخْرَجَتْهُ مِنْ عِقَاصِهَا، فَأَتَيْنَا بِهِ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَإِذَا فِيهِ مِنْ حَاطِبِ بْنِ أَبِى بَلْتَعَةَ إِلَى أُنَاسٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ، يُخْبِرُهُمْ بِبَعْضِ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «يَا حَاطِبُ، مَا هَذَا». قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَا تَعْجَلْ عَلَىَّ، إِنِّى كُنْتُ امْرَأً مُلْصَقًا فِي قُرَيْشٍ، وَلَمْ أَكُنْ مِنْ أَنْفُسِهَا، وَكَانَ مَنْ مَعَكَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ لَهُمْ
ــ
اتُّسِع فيه، فأُطلق على المرأة مطلقًا، بظاء معجمة وعين مهملة (فانطلقنا تعادى بنا خيلنا) أي: تتعادى، حذف إحدى التاءين (فقلنا: أخرجي الكتاب، فقالت: ما معي من كتاب، فقلنا: لتخرجن الكتاب أو لنلقين الثياب) بكسر القاف وفتح الياء والنون الثقيلة، وكان القياس إبقاء الياء ساكنة؛ لأن التقاء الساكنين على حدة، كما في وأبه، أو بحذف الياء، والقول بأنه محمول على المؤنث الغائب على طريق الالتفات لغو من الكلام، وأيُّ فائدة في هذا الالتفات؟ (فأخرجته من عِقَاصها) بكسر العين والقاف وصاد مهملة، الخصلة من الشعر، وقيل: خيط يربط به الدواب، والأول هو الواقع في شعر امرئ القيس قال:
تضل العقاص في مثنى ومرسل
فإن قلت: قد جاء في رواية أنها أخرجته من حجزتها؟ قلت: أجابوا بأنها أخرجته من أحدهما وأخفته في الآخر (فإذا فيه من حاطب بن أبي بَلْتَعة) بفتح الباء وسكون اللام وفتح التاء (إلى أناس من المشركين من أهل مكة، يخبرهم ببعض خبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) قال السهيلي: كان عبارة الكتاب أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد توجه إليكم بجيش كالليل يسير كالسيل، وأقسم باللهِ لو سار إليكم وحده لنصره الله، فإنه منجز له ما وعده، وقال يحيى بن سلام المغربي: كان فيه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد نفر إما إليكم أو إلى غيركم، فعليكم الحذر، قال: واسم تلك المرأة سارة مولاة لعمران بن صيفي بالصاد المهملة، وقيل: اسمها كنود المزنية (فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: يا حاطب ما هذا؟ قال: يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا تعجل على إني كنت امرأً ملصقًا في قريش) قال ابن عبد البر: كان حليفًا للزبير، وقيل: كان عبدًا فأدى كتابته، والأصح أنه كان حليفًا لبني