هنا قوله:(فمرَّ في خَرِب المدينة) -بفتح الحاء المعجمة وكسر الراء- المكان الخراب. وقيل: جمع خَرِبة -بفتح الخاء وكسر الراء- ككلمة وكَلِم. وُيروى بكسر الخاء وفتح الراء جمع خِربة -بكسر الخاء وسكون الراء- كنقمة في نقم. وفي سورة بني إسرائيل رواه البخاري: الحرث، بالحاء المهملة والثاء المثلثة ولا ينافي لجواز أن يكون الخرب حرثًا.
(وهو يتوكأ على عسيب) العسيبُ -بفتح العين وكسر السين- جريد النخل إذا لم تنبت عليه الخوص فإذا نَبَتَ عليه يقال له:(العسف فَمَرَّ بنفرٍ من اليهود) أي: من الطائفة المسماة بيهود. والنفر ما بين الثلاثة إلى العشرة (فقال بعضهم: سَلُوه عن الروح، وقال بعضهم: لا تسالوه، لا يجيء بشيء تكرهونه) لا يجيءْ، بالجزم على أنه جواب النهي، ويجوزُ النصب بتقدير:(أن)، وجوز بعضُهم الرفع على أنه خبر مبتدأ (فقال: يا أبا القاسم ما الروحُ؟) أراد به الروحَ الذي به الحياة، وحمله على القرآن أو على جبريل، أو ملك آخر مما لا وجه له ({قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي}[الإسراء: ٨٥] أي: كائن محدث بكلمة كن كسائر المخلوقات. وقيل: الأمر بمعنى الشأن أي: من شأنه تعالى استأثره بعلمه، وليس في الآية دلالة على امتناع علم البشر به. بل في قوله: ({وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا}[الإسراء: ٨٥]) إشارةٌ إلى أنه مما يعلم لو تعلقت به الإرادة. قال صاحب "الكشف": هو عند المكتحلين بكحل الجوهر من علام الغيوب أجلى جلي، وإن كان عند المشتغلين أخفى خفي. وقد استوفينا الكلام فيه على وجهٍ لا مزيد عليه في تفسيرنا "غاية الأماني" نفع الله به.
(قال الأعمش: هكذا في قراءتنا) أي: أوتوا، بلفظ الغَيبة والضمير لليهود. ويؤيد هذا أن الخطاب في القراءة الأخرى لليهود أيضًا، وإن احتمل أن يكون عامًا.