(ويُهل أهلُ نجد من قرن) النَجْدُ -بفتح النون وسكون الجيم- ما ارتفع من أرض الحجاز، وما انخفض فهو تهامة، وقرن بفتح القاف وسكون الراء ويقال له: قرن المنازل وقرن الثعالب، قاله ابنُ الأثير. بينه وبين مكة نحو من مرحلتين وغلط الجوهري فيه من وجهين: أحدهما: أنه قال بفتح الراء والثاني: قال: وإليه يُنسب أُويس القرني. وقرن -بفتح القاف والراء- قبيلة بيمن بطن من مراد باتفاق أهل الحديث، إليها ينسب أُويس (ويهلُ أهل اليمن من يَلَمْلَم) بفتح الياء واللام على وزن غَضَنْفَر ويقال: ألملم -بالهمزة موضع الياء- جبل من جبال تهامة على مرحلتين من مكة، واتفقت الرواياتُ على عدم تنوينه اعتبارًا للبقعة.
قال بعض الشارحين: فإن قلتَ: الواو في ويزعمون للعطف، فما المعطوف عليه؟ قلتُ: هو عطف على مقدّر، وهو قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذلك، ولا بُدّ من هذا، لأن الواو لا تدخل بين القول والمقول. هذا كلامُهُ. وهو سهوٌ ظاهر، لأن ويزعمون هو مقول قول ابن عمر، ولا مقول بعده حتى يقال مثل هذا بل هو مقول ابن عمر أي: الذي أقوله ما ذكرت.
(ويزعمون أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال غيره أيضًا): الزعمُ هنا بمعنى القول المحقق، لأن القائل صحابي فلا يجوزُ أن ينسبه ابن عمر إلى الزور والقول الباطل.
(وكان ابن عمر يقول: لم أفقه هذه) يقال: فقه -بالكسر يَفْقَهُ- بالفتح- إذا فهم، وفقُه -بالضم- إذا صار فقيهًا. قيل: إنما قال ابن عمر لم أفقه هذه من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مع أنه سمعه من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، من غاية ورعه، وفيه سهو ظاهر لأن ابن عمر صرح في كتاب الحج بعدم السماع من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.