الله) هو ابن مسعود (وعن ثابت) عطف على سليمان (لكل غادر لواء يوم القيامة، قال: أحدهما ينصب، وقال الآخر: يعرف به) هذا كلام شعبة التبس عليه، فقال الأعمش بمقالة ثابت، ولا بأس بذلك.
٣١٨٨ - (سليمان بن حرب) ضدّ الصلح (لكل غادر لواء ينصب بغدرته) بفتح الغين، أي: لأجل ذلك لا لذنب آخر، كان دأب العرب نصب لواء أبيض لمن وَفَى بالعهد، ولواء أسود للغادر، يخاطبهم بما كانوا يعهدون ويحذرون.
٣١٨٩ - (إنّ هذا البلد) أي: مكة شرفها الله (حَرَّمه الله يوم خلق السموات).
فإن قلت: التحريم حكم وحكم الله قديم، فما وجه تقييده بخلق السموات؟ قلت: أراد إظهاره في اللّوح.
(ولا يلتقط لقطته إلا من عرفها) أي: على الدّوام لا كسائر البلاد إلى تمام الحول.
فإن قلت: ما وجه إيراد هذا الحديث في باب إثم الغادر؟ قلت: قالوا: وجه ذلك أن قوله: (إذا استنفرتم فانفروا) دلّ على وجوب الخروج، فمن لم يخرج فقد غدر، وقيل: أراد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - باستحلال القتال لم يكن غادرًا، والأظهر أنه أشار إلى أنّ الأحكام المذكورة في الحديث عهود من الله تعالى، فالتارك لها حكمه حكم الغادر، حتى لا يظن أن الغدر مخصوص بما بين العباد، ويدل على ما ذكرنا قوله تعالى:{الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ}[البقرة: ٢٧]. ولما كان فتح مكة سببه غدر قريش ونقض عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أشار إليه.
هذا آخر أبواب الجهاد، ونسأل الله التوفيق والسّداد، والصلوات التامات على خير العباد إلى يوم التناد.