(إذا أتى أحدكم الغائط) لفظ الغائط: مجاز عن قضاء الحاجة، وهو في الأصل المكانُ المنخفض، وكانوا يقضون الوطر في مثله لعدم اعتبارهم بالمراحيض، فهو من إطلاق المحل وإرادة الحال كما هو دأبُ القرآن الكريم. والحديث من ذكر الألفاظ الشريفة للدلالة على المعاني الخسيسة.
(فلا يستقبل القِبلة ولا يُوَليها ظهره، شَرّقوا أو غَرّبوا) إنما نَهَى عن استقبال القبلة في مكان لا يكون فيه بناء أو نحوه كما ترجم له البخاري.
قال النووي: حديث عائشة وابن عمر دلّ على الجواز في البناء، وهذا الحديث دلّ على عدم الجواز مطلقًا، وكذا حديث سلمان كما سيأتي، فوجه الجمع بين الأحاديث أن يحمل التحريم على الفضاء والجواز على البنيان، والفرق: المشقة في البنيان دون الفضاء، وأنا أقول: لا مشقة في البنيان، بل العلَّة احترام القبلة، وفي البنيان وجه ساتر.
فإن قلت: في الصحراء أيضًا بوجه الجبال؟ قلت: لا اعتداد بتلك الجبال لبعدها، والذي يدل على ما ذكرنا ما رواه أبو داود عن مروان الأصغر قال: رأيت ابنَ عمر أناخ راحلَتَهُ مستقبل القبلة، ثم جَلَس يبول إليها، فقلتُ له في ذلك؟ فقال: إذا كان شيء يَسْتُركَ فلا بأس، وروى أبو داود والنسائي أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خرج وبيده ورقة فوضعها، ثم جَلَس فبال إليها.